واختلافا بعد ما جاءتهم البينات ، وإن المسودة وجوههم هم المتخلفون عن الاعتصام بحبل الله جميعا ، ومن المجمع عليه ضروريا بين كافة المسلمين أن عليا (عليه السلام) من المبيضة وجوههم ، فالذين معه هم من هؤلاء الوجوه النيرة ، فسواهم سواهم ، وعلى الجملة فهذه الوجوه المسودة هي من ضمن سائر الوجوه الكالحة : (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) (٣٩ : ٦٠) (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ تَرْهَقُها قَتَرَةٌ) (٨٠ : ٤٠) (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ) (٧٥ : ٢٤).
ثم هنا (فَذُوقُوا الْعَذابَ) يعم خالده وسواه ، فان الضالين من المسلمين ليسوا على سواء ، فمنهم من يذ(ق العذاب ثم ينجو ، وفي ذوق العذاب دون دخوله تلميح مليح أنهم لا يستحقون دخول النار ولا خلوده ، إلا من يستحقه بارتداد وسواه من شاكلة الكفر بعد الايمان.
(وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (١٠٧).
فالخلود في رحمة الله هو الأبدية اللانهائية فإنها عطاء غير مجذوذ قضية الفضل في واسعة الرحمة ، وذوق عذاب الله مقدر بقدر الاستحقاق فإنه جزاء وفاق قضية العدل فإنه مضيق ، واللّانهائية في العذاب ظلم فانها جزاء غير وفاق. هكذا ينبض المشهد بحوار مع المعتصمين بحبل الله والكفار في دار
__________________
ـ والجماعات هم المعتصمون بحبل الله جميعا ، واهل السنة هم المعتصمون بسنة الرسول على هامش كتاب الله ، ونرى قسما ممن يسمون باهل السنة تاركين للكتاب والسنة وكما نرى قسما ممن يسمون بالشيعة أمثالهم ، فالمعتصمون جميعا بالكتاب والسنة جميعا هم من الذين ابيضت وجوههم.
أترى القائل هذا كتاب الله حسبنا رفضا لوصية رسول الله وهي أسنى السنة وأسنّها ، هو من الذين ابيضت وجوههم ، والمعتصمين بتلك الوصية وسائر السنة التي حملها العترة الطاهرة هم من الذين اسودت وجوههم؟!