و (بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ) تعم من سوى المؤمنين ، ملحدين او مشركين او مسلمين : منافقين او الذين أسلموا ولما يدخل الإيمان في قلوبهم ، ولكن (لا يَأْلُونَكُمْ ... وَدُّوا ... قَدْ بَدَتِ ...) تستثني الآخرين ، كما وقد تستثني غير المعاندين من الكفار ، ولكن غير المؤمن أيا كان لا يصلح أن يكون بطانة للمؤمن ، مهما اختصت هذه العلل لسلبية البطانة بالأعداء الألداء منهم.
و «بطانة» هنا قد تكون ذات تعلقين اثنين (لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً) هي «من دونكم» و «لا تتخذوا من دونكم بطانة» فدون المؤمنين لا يصلح لكونهم بطانة للمؤمنين ولا سيما في جمعية المصالح الإسلامية التي هي بحاجة إلى شورى العابد من أمة الإسلام كما فصلناها على ضوء آية الشورى.
وهنا مربع الحكم الحكيمة تعلّل «لا تتخذوا» لنكون على بصيرة في أمرنا معهم :
١ (لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً) والخبال لغويا هو الفساد الذي يلحق الحيوان فيورثه اضطرابا ، كما بالنسبة للمنافقين في أخرى : (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ. لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كارِهُونَ) (٩ : ٤٨).
و «خبالا» في آيتنا ، نكرة في سوق النفي ، تشمل كل خبال ثقافي ـ عقيدي ـ خلقي ـ اقتصادي ـ سياسي ، أمّا ذا من فساد واضطراب.
__________________
ـ ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه وبطانة تأمره بالشر وتحثه عليه.
أقول : ولكن بطانة الشر ما كانت تقدر على إضلاله وما كان نبي ولا خليفة نبي يتخذ لنفسه بطانة شر مهما لصقوا به.