و «يألونكم» : يقصرونكم من الألو : التقصير ، فهم أولاء لا يقصرونكم خبالا وفسادا في أيّ من حقوله ، فذلك مدى جهدهم في خبالكم ما استطاعوا إليه سبيلا ، فإن لم يقدروا على خبالكم بذات أيديهم فهم ـ لأقل تقدير ـ يودونه :
٢ (وَدُّوا ما عَنِتُّمْ) : ودوا عنتكم ـ في مصدرية «ما» ـ والذي عنتموه ـ في موصوليته ـ والعنت هو الأمر الذي يخاف منه التلف ، فهم ـ إذا ـ لا يألونكم خبال العنت وسواه حيث يودون أن يكون كل أمركم إمرا وصعوبة وهلاكا حيث يبغضونكم على أية حال :
٣ (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ) أتوماتيكيا رغم ما يحافظون على قيلاتهم أمامكم ، فما يضمر أحد أمرا إلّا وقد يظهر في صفحات وجهه وفلتات لسانه.
٤ (وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) مما تبدو من أفواههم ، وهذه هي آيات عداءهم العارم ـ (قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ).
ويا لها من صورة بينة السمات ، ظاهرة الوصمات لاعداءنا الالداء ، تنطق لائحة بدخائل هذه النفوس البئيسة التعيسة ، تسجل المشاعر الباطنة والانفعالات الظاهرة والحركات المتأرجفة ذاهبة وآئبة ، وكل ذلك لنموذج بشري شرير في الطول التاريخي والعرض الجغرافي ، نستعرضها في حالنا ومستقبلنا كما عرضوا علينا في ماضينا.
هؤلاء الانكاد الذين يتظاهرون للمسلمين بالمودة في ساعة القوة ، فتكذبهم كل خالجة منهم وخارجة ، وينخدع بهم المسلمون لظاهر رحمتهم غفلة او تغافلا من باطن زحمتهم فيمنحونهم الثقة والوداد ، وهم لا يألونهم خبالا ونثرا لأية شائكة في طريقهم ما سنح لهم وفسح من شر وضر.