في الدعوة! فسلبها ـ إذا ـ استئصال للرسالة عن بكرتها ، واسترسال للمرسل إليهم في نكرتهم.
أم هو امر التكوين والتشريع ثم له أمر الشرعة بقيادتها في كل حقولها الرسالية للداعية؟ وذلك واقع لا مردّ عنه ، وهناك النصر الموعود والواقع قبل ، وهنا التوبة عليهم او تعذيبهم بعد ، كلاهما من الأمر التكويني الذي ليس له منه شيء ، ثم وليس مشرّعا كما ليس مكونا ، فإنما هو رسول يحمل شرعة الله دون تخلف عنها قيد شعره ، دون زيادة او نقيصة.
فالهداية والإضلال ، والثواب والعقاب ، وما أشبه ، كل ذلك من أمره تعالى ، اللهم إلا هداية الدلالة وضلالة تركها ، فإنهما من فعل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو لا محالة دال دون ترك على أية حال : (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ).
اجل (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) من هداهم وضلالهم ، من ثوابهم وعقابهم ، من استصلاحهم او استئصالهم او تدبير مصالحهم او تهديرها ، او تقديم آجالهم او تأخيرها.
فلقد كان (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إذا رأى من الكفار تشديدا في تكذيبه ، ومبالغة في إطفاء نوره سأل الله تعالى ان يأذن له في الدعاء عليهم باستئصال او تعجيل عذاب ، فكان تعالى قد يأذن وقد لا يأذن تبيينا له أنه سبحانه العالم بمسائر الأمور ومصايرها ، لعلمه ان منهم من يؤمن ويتوب ـ كالوحشي قاتل حمزة ، وأضرابه ـ فيكون ـ إذا ـ زائدا في عداده ، وعضدا من أعضاده.
او يأتي من ظهره من يظهر به الدين ويزيد في المسلمين ، إذ يعلم سبحانه