من المغارب مطالعها ومن المغارس طوالعها ، ومن أوائل التلاقح والتزاوج عواقب التولد والنتائج.
ولقد نزلت هذه الآية يوم أحد إذ شجّت جبهته ، وكسرت رباعيته ، واستقطرت دماءه على صفحته المباركة وهو مع ذلك حريص على دعاءهم ، ومجتهد في إنقاذهم ... أم وهو عازم على الدعاء عليهم مستأذنا ربه سبحانه فهم أن يدعوا عليهم فقال : كيف يفلح قوم أدموا وجه نبيهم وهو يدعوهم الى الله ويدعونه الى الشيطان ، ويدعوهم الى الهدى ويدعونه الى الضلالة ، ويدعوهم الى الجنة ويدعونه الى النار ، فهم ان يدعو عليهم فانزل الله: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ...) فكف رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن الدعاء عليهم (١).
فليس له من أمر النصر الخارق لعادته ، ولا من أمر الهدى والضلالة والثواب والعقاب أما شابه من امور تكوينية او تشريعية ، ليس له شيء ، فانما هو رسول ، كل كيانه رسالة الله ، دون مشاركة مع الله فيما يختص من تكوين او تشريع بالله ، ولا تفويض له في أي أمر حتى الولاية الشرعية ، ف (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ) دون ما يراه ، فضلا عمن سواه.
ثم ترى (أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ) معطوفان على (لِيَقْطَعَ طَرَفاً ..)
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٧١ ـ اخرج ابن جرير عن الربيع قال نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم أحد وقد شج وجهه وأصيبت رباعية فهم ..
وفيه اخرج الترمذي وصححه وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يدعو على اربعة نفر فأنزل الله (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ...) فهداهم الله للإسلام.