ف (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) جملة معترضة بينهما؟ وهو فتّ في عضد الفصاحة وثلم في جانب البلاغة! وهو لا يناسب كونه غاية ل «نصر الله» فان (يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) لا تمت بصلة للنصر ، فقد يتوب ولا نصر وقد لا يتوب مع النصر!.
أو ان «او» فيها بمعنى «إلّا أن» أو «حتى» كما هما من معانيها؟ وهو الظاهر هنا معنويا كما هو أدبيا أن (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) من التوبة عليهم وعذابهم إلا ان يتوب الله عليهم او يعذبهم ، يتوب عليهم إن تابوا اليه ، او يعذبهم فإنهم ظالمون.
إذا ف «إلّا» هنا استثناء منقطع ، ان ليس لك من الأمر شيء إلّا لله.
ام و «حتى يتوب عليهم او يعذبهم» فهنالك امر المتابعة لأمر الله ، ولماذا ـ إذا «او» بدلا عن «حتى» او «إلّا أن»؟ علّه لعناية المعنين مع العلم أن عناية العطف هنا غير مناسبة ، ام انه ـ ايضا ـ معني معهما عطفا لكلا التوبة والعذاب على القطع والكبت ، فقد «نصركم الله ببدر ـ وما النصر إلا من عند الله» ليقطع او يكبت او يتوب او يعذب ، وليس لك فيها من الأمر شيء ، وما أجمله جمعا بين مثلث المعاني ل «أو» لم تكن تعنيها لا حتى ولا إلّا أن ، وما أقبحه تحريفا من لا يعرف مغازي كلام الله فيختلق تجديفا(١).
وفي الحق (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) كجملة مستقلة ـ مهما عنت ما عنت فيما احتفت بها ـ هي من خلفيات ملابسة في السياق تقتضيها ، فيرد قول
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٣٨٩ عن تفسير العياشي عن الجرمي عن أبي جعفر (عليهما السلام) انه قرء «ليس لك من الأمر شيء أن تتوب عليهم او تعذبهم فإنهم ظالمون».
أقول : وأية صلة بين (فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ) وما قبلها ان كان «تتوب عليهم او تعذبهم» ، ولم يخلد ـ بعد ـ بخلد الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ابدا ان يتوب او يعذب ، اللهم إلا ان يدعو الله لقبول توبة ام عذاب!.