فالذاكر الله وهو يعرفه بالربوبية لا يعصى الله بفاحشة أم سواها ، فإنما يعصم الإنسان عن اي عصيان ذكر الله بعد معرفته.
ولأن النسيان هو من أسباب العصيان فلا يجبر العصيان إلّا بذكر الله ، ثم (فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ) طلب الغفر بقال وحال وأعمال ، فليس الاستغفار مجرد القال والقلب قال والعمل خال عن الاستغفار ، فالاستغفار فعل أصله من القلب ثم يظهر في القال والفعال.
(وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ) سؤال إيقاظ للغافلين وإيعاظ للمتساهلين ، وتأنيب بمن يظن أن هناك من يغفر الذنوب إلّا الله ، أو لا غافر للذنوب حتى الله.
ويا للسماحة الطليقة الربانية ، أن الله لا يدعونا إلى سماحة فيما بيننا حتى يطلعنا على جانب عميم من سماحته ، انه يعفو عن كل فاحشة وظلم بالنفس عند الذكر والاستغفار ، شرط أن :
٦ (وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) الإصرار على ما كان نتيجة النسيان بعد ما ذكروا الله واستغفروه ، وعلّهما المعنّيان ب (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) مهما عنت معهما الإصرار عن علم بمادة الإصرار حظرا ، دون جهل سائد او تجاهل عامد ، والإصرار أن يذنب الذنب فلا يستغفر الله ولا يحدث نفسه بتوبة فذلك الإصرار (١) ف «لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار» (٢) بل
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٣٩٣ في أصول الكافي عن جابر عن أبي جعفر (عليهما السلام) في قول الله : ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون قال : الإصرار.
(٢) المصدر عن الجمع عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) انه قال : ...