(الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) هم أخص من اهل الكتاب ، فالذين لا يعلمون الكتاب إلا اماني ، هم لم يؤتوا الكتاب علميا معرفيا مهما أوتوه مبدئيا ، ومن ادلة الاختصاص (إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ) فلا يشمل (أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ).
وهذا الإسلام الذي هو الدين عند الله ، ليس فقط إقرارا باللسان فانه ليس دينا وطاعة ، بل هو تبلور الايمان وتمامه وكماله (١) دخولا في جو السلم على ضوء الطاعة المطلقة لله.
فالإسلام هو احسن دين مهما كان الايمان دينا وإسلام الإقرار ـ كذلك ـ دينا في حقل الإقرار : (وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ) (٤ : ١٢٥) ـ (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٢ : ١١٢) ـ (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى) (٣١ : ٢٢).
إسلام الوجه لله يشمل كل وجه في الإسلام وهو الدخول في السلم كافة (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (٢ : ٢٠٨).
وهكذا يؤمر مؤمنوا كل الشرايع الإلهية ، وحين تنتهي الى الشرعة الأخيرة فهي هي الإسلام فقط الى يوم الدين : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) والإسلام هو التسليم والتسليم هو اليقين
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٣٢٣ في تفسير العياشي عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهما السلام في الآية قال : يعني الذي فيه الإيمان.
أقول : فما ورد من تفسير الإسلام أنه الإقرار وأنه قبل الإيمان ، وأنه لا يشرك الإيمان والإيمان يشركه كل ذلك يعني الإسلام الأوّل لا الإسلام الذي بعد الإيمان ولا الأعم منه ومن الذي قبل الإيمان.