(فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) وإذا كانت بشارتهم العذاب الأليم فما هي ـ إذا ـ نذارتهم ، فانما التعبير يشي بعمق العذاب لهم وتحليقه عليهم لحد لا بشرى لهم إلّا العذاب!.
(أُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) إذ فسدت فبطلت ، وذلك مأخوذ من الحبط وهو داء ترم له أجواف الإبل فيكون سبب هلاكها وانقطاع آكالها ، وهكذا تكون اعمال هؤلاء الأغباش قد تنتفخ وتتضخّم في الأعين ولكنه الانتفاخ المؤدي الى البطلان والهلاك ، ثم ولا ينصرهم ناصر ولا يعذرهم عاذر ، وقد أفردنا بحثا فصلا حول الحبوط من ذي قبل فلا نعيد.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ) (٢٣).
سؤال تعجيب وتأنيب ، تعجيب للرسول والذين معه ، وتأنيب بالذين أوتوا نصيبا من الكتاب ، وتراه نصيبا من وحي التوراة والإنجيل إذ حرفا عن جهات اشراعهما فلم يبق لهم منه الا نصيب عسيب؟ وقد أوتوا كأصل كل الوحي في الكتابين!.
ام نصيبا من الوحي ككل ، فما وحي سائر الكتاب بجنب هذا الكتاب المبين إلا نصيبا ضئيلا من الكتاب؟ و (يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللهِ) حيث تعني الكتابين قد لا يناسبه!.
«نصيبا» هنا قد تتحمل النصيبين ولكلّ وجه والجمع أوجه ، وخلاصة القول انهم ما أوتوا كل كتاب الوحي وهم يزعمونهم قد أوتوا كله ثم انقطع به الوحي ، وتراهم إذا أوتوا كل الوحي فلما ذا يتولى فريق منهم عن كتاب الله حين يدعون وهم معرضون؟.
هنا (كِتابِ اللهِ) هو كل كتابه تعالى ، فليس ـ إذا ـ نصيبا من الكتاب ،