وأعجب بهم وهم لم يؤتوا الا نصيبا من الكتاب وهم لا يرضون بكتاب الله ككل وهو القرآن حكما!.
وقد يعني (كِتابِ اللهِ) كل ما كتبه الله على عباده ومنه التورات كما في الروايات ان اليهود حوكموا ـ في احكام عدة كتابية ـ إلى التوراة فتولى فريق منهم وهم معرضون (١).
ذلك ، ولكن الآية ليست لتجمد على طائفة غابرة من اليهود غائرة في خضم التاريخ ، بل هي شاملة لكل من أوتوا نصيبا من كتاب الوحي هودا او نصارى امن أشبههما ، في الطول التاريخي والعرض الجغرافي ، فان ذلك التأبي والتولي شيمتهم وطبيعتهم الطائفية العارمة ، لا يرضون عما عندهم بديلا ، ولا بما عندهم دليلا إذا خالف أهوائهم! و :
(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) (٢٤).
«ذلك» التأبي عن قبول الحق والتجرّؤ على الحق (بِأَنَّهُمْ قالُوا ...)
__________________
(١) في التفسير الكبير للفخر الرازي ٧ : ٢٣٢ ذكر في سبب نزول الآية روايات ثلاث :
١ ـ أن رجلا وامرأة زنيا من اليهود وفي كتابهم الرجم فكرهوا الرجم لشرفهما فتحاكموا إلى الرسول (ص) لعله يكون عنده رخصة فحكم بالرجم فأنكروا ذلك فقال بيني وبينكم التوراة فلما أتى ابن صوريا على آية الرجم وضع يده عليها فقال ابن سلام قد جاوز موضعها يا رسول الله (ص) فرفع كفه عنها فوجدوا الآية فأمر (ص) برجمهما فغضب اليهود فأنزل الله الآية.
٢ ـ أنه (ص) دخل مدرسة اليهود فدعاهم إلى الإسلام فقالوا : على أي دين أنت؟ فقال : على ملة إبراهيم ، فقالوا : إن إبراهيم كان يهوديا فقال (ص) هلموا إلى التوراة فأبوا ذلك فأنزل الله الآية.
٣ ـ إن علامات بعثته (ص) مذكورة في التوراة فدعاهم النبي (ص) إليها فأبوا فأنزل الله الآية.
أقول : هذه مروية في الدر المنثور باختلاف يسير مع الحفاظ على الأصول.