وحال النمل في امتياره إلى جحره على خط مستقيم يحفظ بعضها لبعض ، أمر عجيب ، ولا يتعطل عن عمله في الليالى المقمرة.
وحال الليث (١) الذي يصيد الذباب عجيب ؛ وهو أصناف : صغار وكبار ، ومنها ما يلسع ، ومنها ما لا يلسع ، وليس فيها ناسج الأشياء على وجه الأرض يستخفى فيه ويرقب ما يحركه ، فيظهر إليه ويأسره. والجنس الصّناع من العنكبوت هو الذي يسدى سدى منوطة تشبه أوتارا وأطنابا (٢) يلحمها فإذا وقع على نسجه ذبابة أو غيرها نسجت عليه فى الوقت ، فإن كانت جائعة مصّته (٣) ، وإلا نقلته إلى خزانة له ويعود إلى رمّ ما انخرق من نسجها. والصناع هي الأنثى ، فأما الذكر فنقاض أخرق ، وأما العنكبوت العظيم الأرجل ، فانه لما يئس عن الاستخفاء احتال بأن يتعلق من تحت النسج ، وأما الصغير فيتخذ لنفسه مخبأ ، ويظن أن مادة غزله من ظاهر جسده. ويبلغ من جلده أن بهم بالعظاية الصغيرة ، فينسج أول شىء على فيها وهو متوق متحرز ، فإذا فرغ من فمها (٤) دنا منها (٥) بطمأنينة فينسج على باقيها (٦).
ومن المحززات الكيسة النحل وما يشبههه من ذوات الإبر وهي تسعة (٧) أصناف. منها ستة أصناف (٨) يختلط بعضها ببعض النحل وذكورتها ، والصنف من الدّبر (٩) الذي يأوى إلى وجه الأرض والدبر الأصغر والدبر (١٠) الطويل الأسود. وأما الأصناف الباقية منها ، فهى مما ينفرد بعضها عن بعض ، أصغرها أغبر وأوسطها أسود والثالث (١١) الكبير. والنحل يغتذى من العسل ، ومع ذلك فلا يكثر منه ما أصاب غيره ، شفقة عليه وادخارا (١٢) ،
__________________
(١) الليث : [ضرب من العناكب ، وليس شىء من الدواب مثله في الحذق والختل ؛ وقيل : الذي يأخذ الذباب ، وهو أصغر من العنكبوت (لسان العرب)].
(٢) وأطنابا : أو أطنابا ب.
(٣) مصته : مضه ط.
(٤) فمها : فمه : سا ، ط ، م.
(٥) منها : منه سا ، ط ، م
(٦) باقيها : باقيه سا ، م.
(٧) تسعة : سبعة ب ، ط ، م.
(٨) منها ستة أصناف : ساقطة من سا ، م
(٩) الدبر : [الدبر ، بالفتح : النحل والزنابير ، وقيل : هو من النحل ما لا يأوى. (لسان العرب)].
(١٠) والدبر الأصغر والدبر : الزنبور الأصفر والزنبور ط ؛ الدبر الأصفر الدبر طا ؛ والزنبور م.
(١١) والثالث : الثالث ط.
(١٢) وحال النمل ... وادخارا : ساقطة من د.