والعروق متكونة من المنى. إذ الشىء إنما يتكون من المادة التي تشبهه ، والتي يصح أن تغذوه.
قال : ومما يدل على أن في الأنثى منيا كما في الذكر المشابهة ، فإنه إن كان السبب فى التشبيه المنى ، ولم يكن للنساء منى ، وجب أن لا ينزع شبه (١) إلى الأمهات (٢). ولو كان السبب في التشبيه الدم والهيولى ؛ لكان لا ينزع شبه (٣) إلى الآباء. فإذا كان الشبه (٤) ينزع إلى كل واحد منهما ، فعلة الشبه موجودة لكل واحد منهما : لكن دم الطمث ليس للذكر ، فليس المشترك فيه هو الدم ، فبقى أن يكون الذي يشتركان فيه هو المنى ، فيكون للإناث منى ، وفيه قوة مولدة مصورة ، كما في الرجال.
ثم جعل هذا الكلام على ترتيب قياسى (٥) : مرة وضعى ، ومرة حملى. فقال : إن كان الولد يشبه والديه ، فإنما يشبههما بسبب عام لهما ؛ فإن (٦) كان الولد (٧) يشبه والديه بسبب عام لهما كليهما ، فإما (٨) أن يكون منيا ، وإما أن يكون دما ، لكن (٩) ليس دما وإلا لكان لا يشبه الأب ، فهو منى. وأما الحملى فقال : إن (١٠) الأولاد يشبهون والديهم جميعا ، والذين يشبهون والديهم (١١) (١٢) فلهم أصل ومبدأ هو المشبه لهم بوالديهم ، فالأولاد لهم أصل ومبدأ يشبههم بوالديهم ؛ ثم قال : لكن ليس بسبب دم الطمث ، فهو بسبب المنى.
فلما ذكر هذين القياسين فرح فرحا شديدا مجاوزا (١٣) للقدر ، وحسب أنه برهن برهانا عظيما ، ثم سأل عن نفسه سؤالا ، وقال : إنه كان يجب أن يكون الشبه ينزع إلى الأب دائما ، لأن منى الذكر أقوى ، فأجاب لكن منى المرأة يستمد من دم الطمث فتنمو قوته ، ولا مدد لمنى الرجل. وهو يقول في موضع آخر : إن منى النساء يصير غذاء لمنى الرجال (١٤).
__________________
(١) شبه : شبيه د
(٢) إلى الأمهات : ساقطة من د.
(٣) شبه : شبيه د ، ط
(٤) الشبه : الشبيه د. (٥) قياسى : قياس ط.
(٦) فإن : وإن د ، ط ، م
(٧) الولد : + إنما د ، سا ، ط ، م.
(٨) فإما : وإما د ، سا
(٩) لكن ليس دما : ساقطة من سا ، م.
(١٠) إن : ساقطة من سا.
(١١) جميعا .... والديهم : ساقطة من سا
(١٢) والديهم : بوالديهم د ، ط ، م.
(١٣) مجاوزا : متجاوزا ط ، م.
(١٤) الرجال : الرجل ب.