والصبيان (١) أعنى من الطفولة إلى الحداثة (٢) مزاجهم في الحرارة كالمعتدل ، وفي الرطوبة كالزائد ؛ ثم بين الطبيعيين وبين الأطباء الأقدمين اختلاف في حرارتى الصبى والشباب ، فبعضهم يرى أن حرارة الصبى أشد ، ولذلك ينمو أكثر وتكون (٣) أفعاله الطبيعية من الشهوة والهضم أكثر وأدوم ، ولأن الحرارة الغريزية المستفادة فيهم من المنى أشد اجتماعا وأحدث. وبعضهم يرى أن الحرارة الغريزية في الشبان (٤) أقوى بكثير ، لأن دمهم أكثر وأمتن. ولذلك يصيبهم الرعاف أشد وأكثر ، ولأن (٥) مزاجهم إلى الصفراء أميل ، ومزاج الصبيان إلى البلغم أميل ، ولأنهم أقوى حركات ، والحركة بالحرارة ، وهم أقوى استمراء وهضما وذلك بالحرارة. وأما الشهوة التي تكثر للصبيان فليست تكون بالحرارة (٦) ، بل بالبرودة ، ولهذا ما تحدث لهم الشهوة الكلبية في أكثر الأمر من البرودة. والدليل على أن هؤلاء أشد استمراء أنهم لا يصيبهم من التهوّع والقيء والتخمة ما يعرض للصبيان لسوء الهضم.
قالوا : والدليل على أن مزاجهم أميل إلى الصفراء أن أمراضهم حارة كلها أو جلها كحمى الغب وقيؤهم (٧) صفراوى. وأمراض الصبيان رطبة باردة ، وحمياتهم بلغمية ، وأكثر ما يقذفونه بالقيء بلغم.
قالوا : وأما النمو في الصبيان فليس من قوة حرارتهم ، ولكن لكثرة رطوبتهم ؛ وأيضا كثرة شهوتهم ، لنقصان حرارتهم. هذا مذهب (٨) الفريقين واحتجاجهما.
وأما المحصّل من الأطباء فيخالف الطائفتين جميعا ، ويرى أن الحرارة فيهما متساوية فى الأصل ؛ لكن حرارة الصبيان أكثر كمية ، وأقل كيفية أى حدة ؛ وحرارة الشبان (٩) أقل كمية ، وأكثر كيفية أى حدة (١٠). وبيان هذا أن يتوهم أن حرارة واحدة بعينها فى المقدار ، أو جسما لطيفا حارا واحدا في الكم والكيف فشا (١١) في جوهر رطب كثير (١٢)
__________________
(١) والصبيان : فى الصبيان د
(٢) والصبيان ... الحداثة : ساقطة من م.
(٣) وتكون : وتكمل د ، سا ، ط ، م.
(٤) الشبان : الشباب د.
(٥) ولأن : لأن ب.
(٦) وأما الشهوة ... بالحرارة : ساقطة من م.
(٧) وقيؤهم : وقيهم ب ، سا ، م.
(٨) مذهب : هو المذهب ط.
(٩) الشبان : السنان ب.
(١٠) وحرارة ...
حدة : ساقطة من سا.
(١١) فشا : نشا م
(١٢) كثير : ساقطة من ب.