فبطلت حرارته لبطلان صورته الأصلية ، فقد فسد نوعه ؛ وإن عرض له برد غريب وقوته الطبيعية المسخنة ثابتة ، لم يبطل نوعها ؛ وكذلك الصفراء. وإذا قيل : إن الصفراء يابسة فيعنى بها أن العضو الذي تغلب هي في مزاجه يصير أيبس ، وأنها تيبس العضو أيضا بالمجاورة.
ثم نتكلم بعد هذا في الغذاء وكيفية نفوذه في الفم إلى أقصى الأعضاء ، وما يعرض له الاستحالات ، وفي أصناف ما يتولد عنه من الفضول. وقد علمت ذلك فيما سلف. ثم نتكلم في أحوال تنفصل بها الحيوانات (١) من جهة اختلاف رطوباتها (٢) ، وهي مشهورة أو مذكورة. ومنها (٣) أن الحيوان المائى الدم أخوف وأجزع ، والغليظ الدم أجرأ وأغضب وأحقد (٤). فإن الحرارة تحتبس في الحجر أشد من احتباسها في الماء ، وانفعال ما هو (٥) أقرب منه بين الغضب وبين التكليف بالحرارة ، سواء كانت كذلك لنوعها كالخنازير البرية والجمال والثيران والأسود ، أو لشخصها مثل الرجل الغليظ الدم. ومن ذلك أن الحيوان الذي لا دم له لا شحم له (٦) ولا ثرب. والثرب والشحم (٧) بارد أرضى ، ولذلك (٨) يجمد. وهو فى الحيوان الأرضى. وإنما يجمد الشحم المذاب أكثر ، ذلك إذا كان شحم حيوان لا سن فى فكه الأعلى. وهذه الحيوانات أرضية جدا ، ولذلك ما يكثر فيها قرون وأظلاف ولا يجمد شحم غيره إذا أذيب. وإذا فشا الشحم على البدن أهلك بنفسه وبسببه : أما (٩) بنفسه فلأنه يخنق (١٠) الحار الغريزى ، وأما بسببه (١١) فلأنه مبرد (١٢). ولا حس لعظم ولا لشحم ، لأنه أيضا دم جمد ، وليس في نضجه كدم اللحم. وإذا استولى البرد بقى البدن بغير حس ، وهذا (١٣) هو الموت. وإذا كثر الشحم في البدن ، قل الإيلاد ، لبرد الدم في صاحبه ، ولأن الدم يذهب فى غذاء السمين الكثير التحلل. والمخ أيضا دم ما قاصر النضج ، لأن النضج التام إلى
__________________
(١) الحيوانات : الحيوان د ، ط. م
(٢) رطوباتها : رطوبتها م.
(٣) ومنها : وفيها د ، سا ، م ؛ منها ط.
(٤) وأحقد : وأحقر د.
(٥) هو : ساقطة من ب ، د ، سا ، م.
(٦) له (الثانية) : ساقطة من م
(٧) والشحم : ساقطة من م
(٨) ولذلك. وكذلك د.
(٩) اما : وأما ط.
(١٠) يحنق : يخبو ط
(١١) بسببه : بنفسه سا
(١٢) مبرد : مبرده ط ، م.
(١٣) وهذا : هذا ط.