وبعد هذا ، فإن أكثر كلام المعلم (١) الأول هو (٢) في المنى والزرع. وفي هذا الموضع يظن بالمعلم الأول أنه يرى أن (٣) لا نطفة للنساء. والدليل على فساد قولهم : إنه يقول في فصل إن الولد قد يكون إذا أنزل الرجل دون المرأة ، وقد لا يكون إذا أنزلا معا. وهذا يدل على أن لهما جميعا إنزال منى بوجه ما. ثم يقول في موضع : إن الزرع منه الولاد ، ودم الطمث غذاء ، ولا يحتمل على مذهبه أن يكون هذا الزرع زرع الرجل. قال : وينبغى أن يتعرف هل المنى يخرج من البدن كله أم لا ، فقد ظن أنه يخرج من جميع البدن ، على أنه يخرج من اللحم جزء لحم ومن العظم جزء عظم. والداعى إلى هذا الظن عموم اللذة ومشاكلة عضو المولود لعضو (٤) ناقص من والديه أو لعضو (٥) ذى زيادة أو شامة. وأيضا من جهة كلية المشابهة ونزوع العرق (٦) يجب (٧) أن يكون سبب المشابهة عامة النسبة إلى البدن كله. فإن كان البدن كله يرسل المنى فكل عضو يرسل قسطه ، وإلا فالشبه يكون بحسب عضو واحد.
لكن (٨) هذه الاحتجاجات غير مقنعة ، فإن المشاكلة قد تقع في الظفر والشعر ، وليس يخرج منهما شىء ؛ ولأن المولود قد يشبه جدا بعيدا وليس يبقى له زرع. فقد حكى أن واحدة ولدت من حبشى ابنة (٩) بيضاء ثم إن تلك ولدت أسود. والزرع ليس ترسله الأعضاء المركبة الآلية من حيث هي آلية وتقع فيها شبهة (١٠).
قال : وأيضا فإنه لو كان المنى بالصفة الموصوفة لكان المنى حيوانا صغيرا ، لأنه يكون فيه من كل عضو جزء ، ثم كيف يعيش ذلك الحيوان أن كانت أعضاؤه غير موضوعة وضعها الواجب ، وإن كانت الأعضاء موضوعة وضعها الواجب فيكون منى الإنسان إنسانا صغيرا.
__________________
(١) المعلم : التعليم د ، سا
(٢) هو : ساقطة من ط.
(٣) أن : أنه سا ، ط ، م.
(٤) لعضو (الأولى) : بعضو ط
(٥) لعضو (الثانية) : بعضو سا.
(٦) العرق : العروق ط
(٧) يجب : فيجب د ، سا ، ط.
(٨) لكن : لكف د.
(٩) ابنة : بنتا د ، سا ، ط.
(١٠) شبهة : مشابهة د ، سا ، ط.