ويضع الدنانير عند كاهن الهيكل ، بجعلها لمن يثبت عنده أن العصب من القلب. وقد (١) يمكن أن يأتيه من يثبت ذلك عليه من طريق جدلى يجوّز عنه منبته ، فكان (٢) يسلم (٣) أن مبدأ الآلة حيث مبدأ القوة ، فإذا تسلمت (٤) منه هذه المقدمة (٥) ، أمكن أن يبرهن عليه أن النفس في الإنسان ذات واحدة ، منها يفيض سائر القوى ، وأن أول تعلق تلك الذات الواحدة حيث أول عضو للحياة ؛ فحينئذ كان يقرب المسافة إلى أن يلزمه أن تكون العروق والعصب من القلب (٦) ، وكان يغرم دنانيره لا محالة. لكن هذا أيضا الذي سلمه غير واجب في ذات الأمور ، والعاقل لا يستحسن أن يثبت في هذا الباب حكما جزما بوجه من الوجوه ، فإنه يمكن أن تؤوّل في ذلك وجوه مختلفة ، إلى أن يصار إلى الحق الذي يوجبه. فإنه لا يبعد في بادئ النظر إلى وقت ما يشتغل بما (٧) يوجبه التشريح أن تكون القوة المصورة الأولى التي في المنى أول ما تميز ، بعد ، مواد في جهات لقبول صور الأعضاء الأولى ، ومواد لقبول صور العلائق بينها (٨) ، ثم تكون المادة القلبية مما يقبل الصورة عن المصورة قبولا أوليا من غير حاجة إلى قوة غير المولدة. إذ يشهد (٩) أصحاب التشريح المحصلون أن القلب أول متكون ، وأما سائر الأعضاء فإن المصورة من المولدة تحتاج فى تكميل تصويرها (١٠) إلى توسط القوة التي في القلب ، فتنفذ منها إلى تلك الأعضاء (١١) ، فتلبسها صورها ، وتتصور بعدها أو معها العلائق بينهما أيضا (١٢) دفعة ، لا أنها تنبت من شىء إلى شىء ، بل تكون المصورة الأولى كما ميزت مادة للدماغ ومادة للقلب فقد ميزت مادة للعصب (١٣) الواصل (١٤) بين الدماغ والقلب. وقد مدته ما بين مادتى القلب والدماغ ، ليس على أنها ميزت أولا المادة للدماغ ، ، ثم اختزلت منه (١٥) مادة جذبتها إلى جهة منشأ القلب. فإنها لا تحتاج إلى ذلك ، إذ يمكنها ، والله أعلم ، أن تقسط المادة تقسيطا تجعل بعضه
__________________
(١) وقد : سا (٢) فكان : وكان سا ، ط
(٣) يسلم : يتسلم د ، سا ، ط ، م.
(٤) تسلمت : سلمت سا
(٥) المقدمة : القوة د ، م.
(٦) من القلب : ساقطة من د.
(٧) بما : لما د.
(٨) بينها : بينهما سا.
(٩) يشهد : شهد ط.
(١٠) تصويرها : تصويراتها د ، ط ؛ تصوراتها سا ؛ تصوير لها م
(١١) الأعضاء : + قوى سا.
(١٢) أيضا : إذن م. (١٣) للعصب : العصب سا
(١٤) الواصل : ساقطة من ب ، د ، م.
(١٥) منه : ساقطة من سا.