ومجمع اللبن الثديان ، ويستحيل إليه الدم الفضلى غير محتاج إلى أن ينضج غاية النضج ؛ وأن يبلغ الهضم الأخير.
وأما المنى فيتولد من أنضج الدم ، ولا يصلح له إلا الدم الذي يبلغ (١) الغاية من (٢) النضج. أقول : وغاية النضج هو الهضم الرابع ، فإن الغذاء له في المعدة هضم ما ، وفي الكبد هضم ما آخر يولد دما مشتركا ، ثم في العروق هضم ثالث ، ثم في كل عضو فإنه (٣) يحتاج إلى أن يهضم حتى يصير مشاكلا (٤) إياه. وهناك النضج التام ومن مثله يتولد المنى ، ولذلك (٥) ما يحدث كثرة استفراغ المنى إذا تكرر الجماع وأتعب من ذبول الجلد وتقشفه وتغير لونه ، ما لا يحدثه استفراغ دم يكون خمسين ضعفا له ، لأن الجماع إنما يستفرغ من الدم ما بلغ غاية النضج ، وكاد يتشبه بالأعضاء ، فكأن الأعضاء تسلب غريزتها ومادتها عند الجماع المتكلف ، أعنى الذي ليس عن اقتضاء منى حاصل فاضل عن جوهر الأعضاء. ولذلك ما قال الأطباء الأقدمون إن (٦) المنى هو من الرطوبة القريبة العهد بالجمود ، ولهذه الرطوبة أيضا فضل فمنه ما هو فضل في كيفيته ويندفع على نحو فيكون منه (٧) الشعر وما أشبهه ، ومنه ما هو فضل في كميته وذلك هو الذي يصلح أن يتولد منه المنى.
وأما اللبن فهو فضل من (٨) الدم الذي في العروق ، وله مائية وجبنية ودسومة (٩). وكل لبن أغلظ فهو أكثر جبنا. ولبن الحيوان الذي له قرن ، ولا سن في فكه الأعلى ، يجمد كشحمه دون لبن غيره من الحيوان. والبرد لا يجمد اللبن ، بل يميز أجزاءه. والحر يجمده أكثر. وألطف الألبان وأرقها لبن (١٠) اللّقاح (١١) ثم الرماك ثم الأتن ، وأغلظها لبن البقر والجواميس. ولا خير في لبن أول الحبل وآخره. وربما ملأ الإخصاب أثداء الإناث لبنا ، وإن كن حولا. وربما اجتمع في أثداء (١٢) العجائز لبن يرضعن به الصبى ،
__________________
(١) يبلغ : بلغ : ط
(٢) من : فى د.
(٣) فإنه : ساقطة من م
(٤) مشاكلا : متشاكلا ط.
(٥) ولذلك : وكذلك د ؛ فلذلك م.
(٦) إن : ساقطة من د ، م.
(٧) منه من م.
(٨) فضل من : ساقطة من ب.
(٩) ودسومة : ودسومية ط.
(١٠) لبن : اللبن ط
(١١) اللقاح : (اللقاح : ذوات الألبان من النوق واحدها لقوح ولقحه «اللسان»)
(١٢) أثداء : ثدى م.