عليه السلام «يشفع يوم القيامة ثلاثة : الأنبياء ، ثم العلماء ، ثم الشهداء» (١) فأعظم بمرتبة هي واسطة بين النبوّة والشهادة بشهادة رسول الله. وعن ابن عباس : خير سليمان بين العلم والمال والملك ، فاختار العلم فأعطى المال والملك معه (٢). وقال عليه السلام «أوحى الله إلى إبراهيم. يا إبراهيم ، إنى عليم أحب كل عليم» (٣) وعن بعض الحكماء : ليت شعري أى شيء أدرك من فاته العلم ، وأى شيء فات من أدرك العلم. وعن الأحنف : كاد العلماء يكونون أربابا ، وكل عز لم يوطد (٤) بعلم فإلى ذل مّا يصير. وعن الزبيري (٥) العلم ذكر فلا يحبه إلا ذكورة الرجال.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢) أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ)(١٣)
(بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ) استعارة ممن له يدان. والمعنى : قبل نجواكم كقول عمر : من أفضل ما أوتيت العرب الشعر ، يقدّمه الرجل أمام حاجته فيستمطر به الكريم ويستنزل به (٦) اللئيم ، يريد : قبل حاجته (ذلِكَ) التقديم (خَيْرٌ لَكُمْ) في دينكم (وَأَطْهَرُ) لأنّ الصدقة طهرة. روى أن الناس أكثروا مناجاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يريدون حتى أملوه وأبرموه (٧) ، فأريد أن يكفوا عن ذلك ، فأمروا بأن من أراد أن يناجيه قدّم قبل مناجاته صدقة. قال على رضى الله عنه : لما نزلت دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما تقول في دينار؟
__________________
(١) أخرجه ابن ماجة وأبو يعلى وابن عدى والعقيل والبيهقي في الشعب من حديث عثمان. وفيه عنبسة بن عبد الرحمن القرشي ، وهو متروك.
(٢) ذكره صاحب الفردوس هكذا ، وذكره قبله ابن عبد البر في كتاب العلم بلا إسناد.
(٣) أخرجه ابن عبد البر في العلم قال : روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ـ فذكره بغير إسناد.
(٤) قوله «وكل عز لم يوطد بعلم» في الصحاح : وطدت الشيء ، أى : أثبته وثقلته. (ع)
(٥) قوله «وعن الزبيري : العلم ذكر» قوله الزبيري : هو أبو أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير مولى لبنى أسد ، وليس من ولد الزبير بن العوام ، كذا في الهداية والإرشاد اه من هامش. (ع)
(٦) لم أجده.
(٧) قوله «حتى أملوه وأبرموه» في الصحاح : أبرمه» أى : أمله وأضجره اه. (ع)