(إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤) يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ (١٥) وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ)(١٦)
(وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ) كقوله (وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها) ويجوز أن يراد : يصلون النار يوم الدين وما يغيبون عنها قبل ذلك ، يعنى : في قبورهم. وقيل : أخبر الله في هذه السورة أنّ لابن آدم ثلاث حالات : حال الحياة التي يحفظ فيها عمله ، وحال الآخرة التي يجازى فيها ، وحال البرزخ وهو قوله (وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ).
(وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ (١٧) ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ (١٨) يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ)(١٩)
يعنى أن أمر يوم الدين بحيث لا ندرك دراية دار كنهه في الهول والشدّة وكيفما تصورته فهو فوق ذلك وعلى أضعافه ، والتكرير لزيادة التهويل ، ثم أجمل القول في وصفه فقال (يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً) أى لا تستطيع دفعا عنها ولانفعالها بوجه ولا أمر إلا لله وحده. من رفع فغلى البدل من يوم الدين ، أو على : هو يوم لا تملك. ومن نصب فبإضمار يدانون ، لأنّ الدين يدل عليه. أو بإضمار اذكر. ويجوز أن يفتح لإضافته إلى غير متمكن وهو في محل الرفع. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من قرأ إذا السماء انفطرت كتب الله له بعدد كل قطرة من السماء حسنة وبعدد كل قبر حسنة» (١).
__________________
(١) أخرجه الثعلبي والواحدي وابن مردويه بسندهم إلى أبى بن كعب.