الفجار الذين لا يهمهم أمر الآخرة ولا يفكرون في العواقب ، ولم يكن كئيبا حزينا متفكرا كعادة الصلحاء والمتقين وحكاية الله عنهم (إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ). (ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ) لن يرجع إلى الله تعالى تكذيبا بالمعاد. يقال : لا يحور ولا يحول ، أى : لا يرجع ولا يتغير. قال لبيد :
يحور رمادا بعد إذ هو ساطع (١)
وعن ابن عباس : ما كنت أدرى ما معنى يحور حتى سمعت أعرابية تقول لبنية لها : حورى ، أى : ارجعي (بَلى) إيجاب لما بعد النفي في (لَنْ يَحُورَ) أى : بلى ليحورنّ (إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً) وبأعماله لا ينساها ولا تخفى عليه ، فلا بدّ أن يرجعه ويجازيه عليها. وقيل : نزلت الآيتان في أبى سلمة بن عبد الأشدّ وأخيه الأسود بن عبد الأشد.
(فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (١٦) وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ (١٧) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (١٨) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ)(١٩)
الشفق : الحمرة التي ترى في المغرب بعد سقوط الشمس ، وبسقوطه يخرج وقت المغرب ويدخل وقت العتمة عند عامة العلماء ، إلا ما يروى عن أبى حنيفة رضى الله عنه في إحدى الروايتين : أنه البياض. وروى أسد بن عمرو : أنه رجع عنه ، سمى لرقته. ومنه الشفقة على الإنسان : رقة القلب عليه (وَما وَسَقَ) وما جمع وضم ، يقال : وسقه فاتسق واستوسق. قال :
مستوسقات لو يجدن سائقا (٢)
ونظيره في وقوع افتعل واستفعل مطاوعين : اتسع واستوسع. ومعناه : وما جمعه وستره وآوى إليه من الدواب وغيرها (إِذَا اتَّسَقَ) إذا اجتمع واستوى ليلة أربع عشرة. قرئ : لتركبن ، على خطاب الإنسان في (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ) ولتركبن ، بالضم على خطاب الجنس ، لان النداء للجنس ، ولتركبن بالكسر على خطاب النفس ، وليركبن بالياء على : ليركبن
__________________
(١) تقدم شرح هذا الشاهد بالجزء الرابع صفحة ١٣ فراجعه إن شئت اه مصححه.
(٢) إن لنا قلائصا حقائقا |
|
مستوسقات لو يجدن سائقا |
القلائص : جمع قلوص وهي الفتية من الإبل. والحقائق : جمع حقة ، التي استحقت الحمل عليها ، أو استحقت ضراب الفحل. ويقال : وسقه فاتسق واستوسق ، أى : جمع عليه الأحمال فتحمل ، أو جمعه فاجتمع ومستوسقات : محملات أو مجتمعات ، وأو بمعنى إلى ، أى : واقفات إلى أن يجدن من يسوقهن فيسرن. ويروى : لو يجدن. وفيه معنى التمني. ويجوز أن جوابه مقدر ، أى : لأسرعن :