فلا عليك أن تزبره» (١) وقيل : أما إنه ليس بالسائل المستجدي ، ولكن طالب العلم : إذا جاء فلا تنهره. التحديث بنعمة الله : شكرها وإشاعتها. يريد : ما ذكره من نعمة الإيواء والهداية والإغناء وما عدا ذلك. وعن مجاهد : بالقرآن ، فحدث : أقرئه ، وبلغ ما أرسلت به. وعن عبد الله بن غالب أنه كان إذا أصبح يقول : رزقني الله البارحة خيرا : قرأت كذا وصليت كذا ، فإذا قيل له : يا أبا فراس مثلك يقول مثل هذا؟ قال : يقول الله تعالى (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) وأنتم تقولون : لا تحدث بنعمة الله. وإنما يجوز مثل هذا إذا قصد به اللطف ، وأن يقتدى به غيره ، وأمن على نفسه الفتنة. والستر أفضل. ولو لم يكن فيه إلا التشبه بأهل الرياء والسمعة : لكفى به. وفي قراءة على رضى الله عنه : فخبر. والمعنى : أنك كنت يتيما ، وضالا ، وعائلا ، فآواك الله ، وهداك : وأغناك ، فمهما يكن من شيء وعلى ما خيلت فلا تنس نعمة الله عليك في هذه الثلاث. واقتد بالله ، فتعطف على اليتيم وآوه ، فقد ذقت اليتم وهو انه ، ورأيت كيف فعل الله بك ، وترحم على السائل وتفقده بمعروفك ولا تزجره عن بابك ، كما رحمك ربك فأغناك بعد الفقر ، وحدّث بنعمة الله كلها ، ويدخل تحته هدايته الضلال ، وتعليمه الشرائع والقرآن ، مقتديا بالله في أن هداه من الضلال.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من قرأ سورة والضحى جعله الله فيمن يرضى لمحمد أن يشفع له وعشر حسنات يكتبها الله له بعدد كل يتيم وسائل» (٢).
__________________
ـ وأخرجه ابن مردويه من رواية أحمد بن أبى طيبة عن حيان فقال : عن أبى هريرة ـ بدل ابن عباس. وله طريق أخرى. أخرجها عبد الغنى بن سعيد في إيضاح الاشكال من رواية وهب بن زمعة عن هشام بن وهب أبى البختري القاضي. وهو كذاب.
(١) قوله «فلا عليك أن تزبره» تزبره : أى تزجره وتمنعه. أفاده الصحاح. (ع)
(٢) أخرجه الثعلبي والواحدي وابن مردويه بالسند إلى أبى بن كعب.