وقال زهير :
وفيهم مقامات حسان وجوههم
والمقامة : المجلس. روى أن أبا جهل من برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلى فقال : ألم أنهك؟ فأغلظ له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أتهدّدنى وأنا أكثر أهل الوادي ناديا (١) ، فنزلت. وقرأ ابن أبى عبلة : سيدعى الزبانية ، على البغاء للمفعول ، والزبانية في كلام العرب : الشرط ، الواحد : زبنية ، كعفرية ، من الزبن : وهو الدفع. وقيل : زبنى ، وكأنه نسب إلى الزبن ، ثم غير للنسب ، كقولهم أمسى ، وأصله : زبانى ، فقيل. زبانية على التعويض ، والمراد : ملائكة العذاب. وعن النبي صلى الله عليه وسلم : «لو دعا ناديه لأخذته الزبانية عيانا (٢)» (كَلَّا) ردع لأبى جهل (لا تُطِعْهُ) أى اثبت على ما أنت عليه من عصيانه ، كقوله (فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ). (وَاسْجُدْ) ودم على سجودك ، يريد : الصلاة (وَاقْتَرِبْ) وتقرّب إلى ربك. وفي الحديث : «أقرب ما يكون العبد إلى ربه إذا سجد» (٣).
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، «من قرأ سورة العلق أعطى من الأجر كأنما قرأ المفصل كله (٤)»
__________________
ـ وهو كناية عن الغلظة والشدة ، وأذلة : أى فيما بينهم أشداء على من يعاديهم. وقدم المعمول للحصر ، فاعلم ذلك وتيقنه فهو حق. ويروى بدل الشطر الثاني :
سواسية أحرارها وعبيدها
وسواسية كطواعية جمع سواء على غير قياس. وقيل : اسم جمع بمعنى مستوين. يعنى : أنهم مستوون في الشرف وكمال الأخلاق ، ولو لا مقام المدح لكان من قبيل التوجيه ، لاحتماله لوجه الذم أيضا. وأما إن قرئ بالكسر والتشديد ، فهو منسوب السواس وهو التمرين على حسن السير ، يعنى أن جميعهم رؤساء ، ولكن الأول أوجه. ومنه الحديث : «الناس سواسية لا فضل لعربي على عجمى إلا بالتقوى» كما في ترجمة شرح القاموس.
(١) أخرجه الطبري وابن مردويه بهذا وأتم منه. وهو عند الترمذي والنسائي والحاكم وأحمد وابن أبى شيبة والبزار كلهم من رواية أبى خالد الأحمر عن داود بن أبى هند عن عكرمة عن ابن عباس رضى الله عنهما. قلت : وأصله في صحيح البخاري.
(٢) أخرجه البخاري والنسائي من رواية معمر عن عبد الكريم الحريري عن عكرمة عن ابن عباس به. وهو الذي قبله من قول ابن عباس رضى الله عنهما.
(٣) أخرجه مسلم من حديث أبى هريرة بلفظ «وهو ساجد».
(٤) أخرجه الثعلبي والواحدي وابن مردويه بأسانيدهم إلى أبى بن كعب.