(ت ١١٤ ه) حينما قصده عمرو بن قيس الماصر ، وهو ممن يقول بالارجاء ، فقال للامام : انا لا نخرج أهل دعوتنا وأهل ملتنا من الايمان في المعاصي والذنوب. فرد عليه الامام مستندا الي السنة الشريفة ، فقال :
«يا ابنقيس : أما رسول الله (صلي الله عليه وآله) فقد قال : لا يزني الزاني وهو مؤمن. ولا يسرق السارق هو مؤمن. فاذهب أنت واصحابك حيث شئت» (١).
وكان ابراهيم النخعي (ت ٩٦ ه) عنيفا في مقاومة الارجاء. والمرجئة عنده هم أهل الرأي المحدث ، والارجاء بدعة ، وقد تركوا الدين أرق من الثوب السابري ، بل ذهب الي أكثر من هذا فقال : «لأنا علي هذه الأمة من المرجئة أخوف عليهم من عدتهم من الأزارقة» (٢).
وفي قبال أهل الجبر والارجاء ، كانت عقيدة القدرية القائمة علي القول بحرية الارادة والاختيار ، وزعيم القائلين بالقدر ـ غير منازع ـ الحسن البصري (٣).
والذي يهمنا في الأمر أن العباسيين قد رحبوا بفكرة الاعتزال كالأمويين من ذي قبل ، لأنهم أزاحوا فكرة التقديس عن الأبدال والأئمة ، فهم بذلك يقفون في الصف المقابل للفكر الامامي الذي يعطي للأئمة (عليهمالسلام) مكانتهم في الولاء والتقديس.
أما الخوارج فلم يكن لهم أمر ذو بال في العصر العباسي ، وكان الخروج علي الدولة من شأن الطالبيين فحسب ، والحسنيين منهم بالذات ، ولم يكن المسلمون ليعتبروا العلويين خوارج في المفهوم الاصطلاحي ، بل عدوهم من الثائرين.
الا أن الحياة العقلية في عصر الامام موسي بن جعفر (عليهالسلام) قد انفجرت
__________________
(١) ظ : باقر شريف القرشي / حياة الامام محمد الباقر ٢ / ٩٠ وانظر مصدره.
(٢) ابنسعد / الطبقات الكبري ١ / ١٩١.
(٣) ظ : شوقي ضيف / التطور والتجديد في الشعر الأموي / ٥٢.