«واتسم عصر الامام بموجات رهيبة من النزعات الشعوبية والعنصرية والنحل الدينية ، والتجاهات العقائدية التي لا تمت الي الاسلام بصلة ، ولا تلتقي معه بطريق ، وقد تصارعت تلك الحركات الفكرية تصارعا لا هدوء فيه ولا استقرار ، حتي امتد ذلك الصراع الي أكثر العصور ، ويعود السبب في ذلك الي أن الفتح الاسلامي قد نقل ثقافات الأمم وسائر علومهم الي العالم الغربي والاسلامي ، بالاضافة الي أن السلام قد جاء بموجة عارمة من العلوم والأفكار ، ودعا المسلمين الي الانطلاق والتخصص في (صفحه ١١٥) جميع ألوان المعارف ، وقد أحدث ذلك انقلابا فكريا في المجتمع الاسلامي ، وتبلورت الأفكار بألوان من الثقافة لم يعهد لها المجتمع نظيرا في العصور السالفة ، وقد اتجهت تلك الطاقات ... الي الجانب العقائدي من واقع الحياة ، فحدثت المذاهب الاسلامية والفرق الدينية ، وتشعبت الأمة الي طوائف وقع فيما بينها من النزاع والمخاصمات والجدال الشيء الكثير ، فكانت النوادي تعج بالمعارك الدامية والصراع العنيف ... وكان من أبرز المتصارعين في هذه الساحة هم علماء الكلام والمتكلمون» (١).
وقد ألمحنا لحياة كثير من هذه الصراعات فيما مضي من هذه الموسوعة في أعمال سابقة (٢).
وقد فصلنا القول في كتابنا «الامام جعفر الصادق / زعيم مدرسة أهل البيت» فتحدثنا عن الثورة المضادة التي قادها الامام ضد متناقضات العصر العباسي في المناخ العقلي ، وعرضنا لظاهرة الغلاة ومحاربة أئمة أهل البيت لتلك الظاهرة الضالة.
واستوفينا القول ـ بايجاز ـ في حركات الالحاد والزندقة ، وعرضنا
__________________
(١) باقر شريف القرشي / حياة الامام موسي بن جعفر ٢ / ١٠٩.
(٢) ظ : المؤلف / الامام محمد الباقر مجدد الحضارة الاسلامية / ٨٨ ـ ١٠٦.