لحياة المذاهب الكلامية في عصر الامام الصادق (عليهالسلام) ووجدنا أن الامام قد وظف نظره العقلي من خلال المحاورات والمناظرات مع زعماء علم الكلام. وكان هذا التوظيف الدقيق قد اشتمل علي ظاهرتين :
الأولي : الاستدلال العقلي والبديهي الذي لا سبيل الي انكاره.
الثانية : الاقناع المقبول الذي فجره هذا الاستدلال (١) ولا ضرورة لاعادة هيكلية ذلك البحث فقد سبق القول فيه.
وهنا لابد من رصد بعض المشاهد العقلية التي حفلت بها حياة عصر الامام موسي بن جعفر (عليهالسلام) مما دأب المناخ السياسي الي التشجيع عليه ، للهدف المركزي في التخطيط السلطوي للاستبداد أني كان سبيله ، ولا مانع بعد هذا من تشعب آراء الأمة ، وتمزيق الصف الاسلامي.
روي محمد بن أبيعمير عن علي الأسواري ، قال :
كان ليحيي بن خالد مجلس في داره يحضره المتكلمون من كل فرقة وملة يوم الأحد ، فيتناظرون في أديانهم ، ويحتج بعضهم علي بعض ، فبلغ ذلك الرشيد ، فقال ليحيي بن خالد :
يا عباسي ما هذا المجلس الذي بلغني في منزلك يحضره المتكلمون؟ فقال : ... ما شيء مما رفعني به أميرالمؤمنين ، وبلغ من الكرامة والرفعة أحسن موقعا عندي من هذا المجلس ، فانه يحضره كل قوم مع اختلاف مذاهبهم ، فيحتج بعضهم علي بعض ، ويعرف المحق منهم ، ويتبين فساد كل مذهب من مذاهبهم.
قال له الرشيد : فأنا أحب أن أحضر هذا المجلس ، وأسمع كلامهم من غير أن يعلموا بحضوري ... وبلغ الخبر المعتزلة فتشاوروا فيما بينهم وعزموا
__________________
(١) ظ : المؤلف / الامام جعفر الصادق / زعيم مدرسة أهل البيت / الباب الأول / الفصل الثالث / الحياة العقلية وظواهرها الاجتماعية.