أبان (عليهالسلام) ؛ وان من كمال البحث العقلي اثبات نص هذه الرسالة.
قال الامام (عليهالسلام) : «الحمد لله الملهم عباده حمده ، وفاطرهم علي معرفة ربوبيته ، الدال علي وجوده بخلقه ، المستشهد بآياته علي قدرته ، الممتنعة من الصفات ذاته ، ومن الأبصار رؤيته ، ومن الأوهام الاحاطة به ، لا أمد لكونه ، ولا غاية لبقائه ، لا تشمله المشاعر ، ولا تحجبه الحجب ، والحجاب بينه وبين خلقه بأخلقه اياهم ، لامتناعه مما يمكن في ذواتهم ، ولا مكان مما يمتنع منه ، ولافتراق الصانع من المصنوع ، والحاد من المحدود ، والرب من المربوب ، والواحد بلا تأويل عدد ، والخالق لا بمعني حركة ، والبصير لا بأداة ، والسميع لا بتفريق آلة ، والشاهد لا بمماسة ، والباطن باجتنان ، والظاهر البائن لا بتراخي مسافة ، أزلة نهي لمجاول الأفكار ، ودوامه ردع لطامحات العقول ، قد حسر كنهه نوافذ الأبصار ، وقمح وجوده جوائل الأوهام.
أول الديانة به معرفته ، وكمال معرفته توحيده ، وكمال توحيده نفي الصفات عنه بشهادة كل صفة أنها غير الموصوف ، وشهادة الموصوف أنه غير الصفة ، وشهادتهما جميعا بالتثنية.
الممتنع من الأزل ، فمن وصف الله فقد حده ، ومن حده فقد عده ، ومن عده فقد أبطل أزله ، ومن قال : كيف؟ فقد استوصفه ، ومن قال : فيم؟ فقد ضمنه ، ومن قال : علي م؟ فقد جهله ، ومن قال : أين؟ فقد أخلي منه ، ومن قال : ما هو؟ فقد نعته ، ومن قال : الي م؟ فقد غاياه ، عالم اذ لا معلوم ، وخالق اذ لا مخلوق ، ورب اذ لا مربوب ، وكذلك يوصف ربنا ، وفوق ما يصفه الواصفون» (١).
ولا أعلم وثيقة توحيدية نابضة كهذه الوثيقة في أدلتها وايجازها
__________________
(١) الكليني / أصول الكافي ١ / ١٣٩ ـ ١٤٠.