«أما قول الواصفين : انه ينزل تبارك وتعالي ، فانما يقول بذلك من ينسبه الي نقص أو زيادة ، وكل متحرك يحتاج الي من يحركه أو يتحرك به ، فمن ظن بالله الظنون فقد هلك ، فاحذروا في صفاته من أن تقفوا له علي حد تحدونه بنقص ، أو زيادة ، أو تحريك ، أو تحرك ، أو زوال ، أو استنزال ، أو نهوض ، أو قعود ، فان الله جل وعز عن صفة الواصفين ، ونعت الناعتين ، وتوهم المتوهمين» (١).
وكما نفي الامام الحركة وأبطلها ، فقد نفي القول بالجسم والصورة والمثلية.
قال الامام : «سبحان من ليس كمثله شيء ، لا جسم ولا صورة» (٢).
وعرض علي الامام قول أهل التجسيم فيما نصه :
«ان الله جسم ليس كمثله شيء ، عالم ، سميع ، بصير ، قادر ، متكلم ، ناطق ، والكلام والقدرة والعمل تجري مجري واحدا ، ليس شيء منها مخلوقا».
فرد الامام هذه المزاعم الفجة ، وحمل علي قائلها ، بقوله : «قاتله الله ، أما علم أن الجسم محدود ، والكلام غير المتكلم ، معاذ الله!! وأبرأ الي الله من هذا القول. لا جسم ، ولا صورة ، ولا تحديد ، وكل شيء سواه مخلوق. انما تكون الأشياء بارادته ومشيئته من غير كلام ، ولا تردد نفس ، ولا نطق لسان» (٣).
ان هذا المنطق الفياض بروائعه الكلامية ينطلق من معرفة خارقة بحقائق الأشياء ، ومن نفس أثيرة غمرها الايمان ، فنظرت في صفات الباري بعين البصيرة ، وكانت الأدلة البرهانية تتقاطر معها كالسيل اذا انحدر ، لذلك كان
__________________
(١) الكليني / الكافي ١ / ١٢٥.
(٢) المصدر نفسه ١ / ١٠٤.
(٣) المصدر نفسه ١ / ١٠٦.