بها فقد أخذ بالسهم الأرشد ، ومن أبي ذلك عليه فهو وشأنه.
فقد دحض الامام مزاعم أهل الجبر باستدلال بديهي أن الله تعالي بأمره ونهيه قد جعل السبيل ممهدا للأخذ بما أمر ، وجعله كذلك في ترك ما نهي عنه ، ولم يجبر أحدا علي عمل ، قال (عليهالسلام) : «ان الله خلق الخلق فعلم ما هم صائرون ، فأمرهم ونهاهم ، فما أمرهم به شيء فقد جعل لهم السبيل الي الأخذ به ، وما نهاهم عنه من شيء فقد جعل لهم السبيل الي تركه ، ولا يكونون آخذين ولا تاركين الا باذنه ، وما جبر الله أحدا من خلقه علي معصيته ، بل اختبرهم بالبلوي ، وكما قال :
(... ليبلوكم أيكم أحسن عملا ...) (١) (٢).
ومن هذا القبيل ما روي عن الامام الرضا (عليهالسلام) أنه قال : سأل رجل أبي : هل منع الله عما أمر به؟ وهل نهي عما أراد؟ وهل أعان علي ما لم يرد؟
فقال (عليهالسلام) : أما قولك هل منع عما أمر به ، فلا يجوز ذلك عليه ، ولو جاز ذلك لكان قد منع ابليس عن السجود لآدم ، ولو منعه لقدره ولم يلعنه.
وأما قولك هل نهي عما أراد؟ فلا يجوز ، ولو جاز ذلك لكان حيث نهي آدم عن أكل الشجرة أراد أكلها ... والله تعالي لا يجوز عليه أن يأمر بشيء ويريد غيره.
وأما قولك : هل أعان علي ما لم يرد؟ فلا يجوز ذلك عليه ، وتعالي الله عن أن يعين علي قتل الأنبياء وتكفيرهم ، وقتل الحسين بن علي والفضلاء من ولده ، وكيف يعين علي ما لم يرد؟ وقد أعد جهنم لمخالفيه ، ولعنهم علي تكذيبهم لطاعته وارتكابهم لمخالفته ، ولو جاز أن يعين علي ما لم يرد
__________________
(١) سورة الملك / ٢.
(٢) الطبرسي / الاحتجاج / ٢١٠.