لكان أعان فرعون علي كفره وادعائه أنه رب العالمين ، أفتري أنه أراد من فرعون أن يدعي الربوبية ...» (١)
وهذا أبوحنيفة ، النعمان بن ثابت ، يسأل الامام وهو صبي.
قال له : «يا ابن رسول الله؛ ما تقول في أفعال العباد؛ ممن هي؟
قال الامام : يا نعمان ، قد سألت فاسمع ، واذا سمعت فعه ، واذا وعيت فاعمل.
ان أفعال العباد لا تخلو من ثلاث خصال :
اما من الله علي انفراده ، أو من الله والعبد شركة ، أو من العبد بانفراده. فان كانت من الله علي انفراده ، فما باله سبحانه يعذب عبده علي ما لم يفعله مع عدله ورحمته وحكمته؟
وان كانت من الله والعبد شركة ، فما بال الشريك القوي يعذب شريكه علي ما قد شركه فيه ، وأعانه عليه؟
ثم قال الامام : استحال الوجهان يا نعمان؟ فقال : نعم.
قال الامام : فلم يبق الا أن يكون من العبد علي انفراده ...» (٢).
وهذا تأكيد علي أصل العدل من جهة ، وهو نفي للجبر والتفويض من جهة أخري.
وقد كرر أبوحنيفة نفسه هذا السؤال للامام بصيغة أخري تحوم حول الغرض ذاته ، الا أنه خصص السؤال بصدور المعصية.
فأجابه الامام الجواب نفسه تقريبا بطرح جديد.
قال أبوحنيفة للامام : «جعلت فداك ممن المعصية؟ ...
قال الامام : ان المعصية لابد أن تكون من العبد أو من ربه ، أو منهما
__________________
(١) هاشم معروف الحسني / سيرة الأئمة الاثني عشر ٢ / ٣٢٩.
(٢) المجلسي / بحارالأنوار : ٤٨ / ١٧٥ وانظر مصدره.