الطموح البشري في العدل والمساواة والحرية الاجتماعية ، مما أوجد حالة كبري في الاستنفار اليقظ من ركود الماضي الي الانبعاث الجديد من التحرر والانعتاق من تجاوزات السياسة الجافة التي انتهجتها خلائق السوء ودعاة التخريب الجماعي ، فكان الانقلاب الجذري في فكر الانسان المسلم الواعي وحياته الحقيقية منطلقا ـ في ضوء توجيه الامام ـ لمعالجته الوضع الشاذ في أنماطه المأساوية ، اذ انفتح العقل الانساني علي معايير جديدة في الأحكام والأعراف والتقييم الموضوعي تختلف علي تلك الأعراف الشائعة وراء حجز الأفكار ووأد المنطلق المنطقي للانسان ، مما جعل النظام العباسي يعيش في عزله قاتلة بين أفياء القصور وأحضان الجواري والمولدات ، وهو يبتعد عن هموم الشعب ، والشعب يبتعد عن همومه ، فهما مفترقان لا يلتقيان ، وان فرضت السيطرة بالقوة والاكراه نوعا من الطاعة ، ولكن هذا الفرض قد يتعكر صفوه بالانتفاضات المسلحة ـ كما ستري ـ فلم يكتب للدولة العباسية الاستقرار السياسي الا في ظل مسرحيات مفضوحة الغايات حاولها النظام للحل المؤقت ، كالتجائه الي نصب الامام الثامن من أئمة أهل البيت؛ الامام علي بن موسي الرضا (عليهالسلام) في مركز ولاية العهد للمأمون ريثما تهدأ العاصفة.
ولقد أصيب المجتمع الاسلامي بالشلل التام والانكماش علي الذات جراء ما يعانيه من مخلفات هذا الوضع الغريب حتي أسقط في يده ، ولكن التجربة الرافضة لظواهر التمزق الداخلي ، والتي نهض بها الامام موسي بن جعفر (عليهالسلام) بصلابة وأناة ، تعطي الجماعة الاسلامية زخما متحركا في مجابهة المناخ المريض الملوث ، وتمد الأمة قوة وفتوة للانطلاق الغاضب علي العنف والتسلط.
وكان الامام موسي بن جعفر (عليهالسلام) نموذجا لا مثيل له في اشراق الضمير