القسوة الضارية التي أنست جرائم الجاهلية في عنفها وشدتها ، يضاف اليها الغدر بأقرب الناس ، وأنصار النظام ، وقادة الحركة العباسية أنفسهم ، حتي قال الأستاذ السيد أمير علي الهندي :
«كان المنصور خداعا لا يتردد البتة في سفك الدماء ، وتعزي قسوته الي حقده البالغ حد الافراط ... سادرا في بطشه ، ومستهترا في فتكه ، وتعتبر معاملته لأولاد علي (عليهالسلام) صفحة من أسوأ صفحات التأريخ العباسي» (١).
ولم يكن أمر قسوته بمعزل عن تسليط الضوء علي برنامجه الدموي في استئصال شأفة المعارضين السياسيين من قبل التأريخ ، بل صرح بأكثر من مصدر ومورد بآثار ذلك النهج الارهابي المفجع في صوره المرعبة.
قال الطبري (ت ٣١٠ ه) : ان المنصور : «أمر بأسطوانة مبنية ففرغت ، ثم أدخل فيها محمد بن ابراهيم بن الحسن ، فبني عليه وهو حي» (٢).
بل أنه عمد الي جملة الأسري من الحسنيين فكبلهم بالقيود والأغلال حتي ماتوا في السجون (٣).
وقيل : انهم وجدوا مسمرين في الحيطان (٤).
قال السيوطي بأنه : «قتل خلقا كثيرا حتي استقام ملكه» (٥).
وهو الذي أمر بضرب أبيحنيفة النعمان بن ثابت ، ثم سجنه فمات بعد أيام (٦).
بل روي السيوطي : أنه قتل أباحنيفة بالسم (٧).
__________________
(١) أمير علي الهندي / مختصر تاريخ العرب / ١٨٤.
(٢) الطبري / تأريخ الأمم والملوك ٧ / ٥٤٦.
(٣) المصدر نفسه ٧ / ٥٤٠.
(٤) اليعقوبي / التأريخ ٣ / ١٠٦.
(٥) السيوطي / تأريخ الخلفاء / ١٧٢.
(٦) محمدحسن آلياسين / الامام موسي بن جعفر / ١٤.
(٧) السيوطي / تأريخ الخلفاء / ١٧٢.