تفعل هذا»؟
فما استمع له ، وشجعه علي الخمرة بعض شعرائه ، فقال :
فدع عنك يعقوب بن داود جانبا |
|
وأقبل علي صهباء طيبة النشر (١). |
وكان المهدي أول من فتح باب الخلاعة والمجون في بني العباس ، وأول من استجاب لشهواته ونزواته علنا ، فنشأ جيل من الشباب في ميعة وضياع ، وتجرأ علي الحرمات ذوو الفسق والفجور ، وكانت نقلة نوعية في حياة الترف والسرف أشرفت فيها الدولة علي التدهور ، وصاحب ذلك البذخ الطائل الذي تجلي في مراسم تزويجه لولده هارون الرشيد من زبيدة فيما استضاف به الناس في قصر الخلد علي دجلة ، فكان مجمل ما أنفق علي ذلك من بيت مال المسلمين خمسين ألف ألف درهم ، وألبست زبيدة قميصا كله من الدر الكبار ، وثوبا كله من الذهب (٢).
بل ذهب الشابشتي الي أكثر من هذا ، فقال : «ان المهدي لما زوج ابنه الرشيد بأم جعفر ابنة أخيه ، استعد لها ما لم يستعد لامرأة قبلها من الآلة وصناديق الجوهر ، والحلي ، والتيجان ، والأكاليل ، وقباب الفضة والذهب ، والطيب ، وأعطاها بدلة هشام (بن عبدالملك) ولم ير في الاسلام مثلها ، ومثل الحب الذي كان فيها ، وكان في ظهرها وصدرها خط من ياقوت أحمر ، وباقيها من الدر الكبار الذي لا يوجد مثله» (٣).
أما الهبات الضخمة التي منحها لأبنائه وقواده وولاته فحدث عن ذلك ولا حرج ، فقد اشتري فصا من ياقوت أحمر بثلاثمائة ألف دينار ، ووهبه لولده الهادي مما أوجد حالة من الذهر والهلع لدي سواد المسلمين الجياع.
__________________
(١) ظ : ابن الطقطقي / الفخري / ١٦٧.
(٢) ظ : باقر شريف القرشي / حياة الامام موسي بن جعفر ١ / ٤٣٩.
(٣) الشابشتي / الديارات / ١٠٠.