قال : يا غلام؛ اخرج الينا ما في هذا البيت.
قال : ففتح بابه عن العلوي وصاحبيه والمال بعينه. قال : فبقيت متحيرا وسقط في يدي. فقال المهدي : لقد حل لي دمك لو آثرت اراقته ، ولكن احبسوه (١).
وهذا نموذج فرد من نماذج كثيرة تمثل جور المهدي ، وما صاحب أيام حكمه من المظالم طيلة أحد عشر عاما من خلافته السوداء؛ ولقد عاش الامام الكاظم (عليهالسلام) أحداثها المأساوية واجتراحها الدموي.
وربما انتبه المهدي لنفسه ، فرأي ما أحدثه من ثغرات عريضة في كيان الدولة ، فحاول ائتلاف القلوب بأسلوب من الدجل والتضليل يظهر فيه بصورة المنصف في مروءة مزعومة.
فقد عرض علي الامام موسي بن جعفر فيما يروي ، أن يرد عليه فدكا ، فرفض الامام ذلك ، ولما ألح عليه المهدي ، قال : لا أقبلها الا بحدودها. قال المهدي : وما حدودها؟
قال الامام : الحد الأول عدن. فتغير وجه المهدي.
والحد الثاني : سمرقند. فأربد وجهه.
والحد الثالث : افريقية.
فقال له المهدي : والحد الرابع؟
قال الامام : سيف البحر مما يلي الخزر وأرمينية. فقال له : لم يبق لنا شيء ، فتحول الي مجلسي!!
قال الامام : لقد أعلمتك بأني ان حددتها لم تردها (٢).
والمهدي أراد تطييب بعض الخواطر الناطقة باغتصاب أرض الزهراء ،
__________________
(١) الطبري / تاريخ الأمم والملوك ٨ / ١٥٨ ـ ١٥٩.
(٢) هاشم معروف الحسني / سيرة الأئمة الاثني عشر ٢ / ٣٤٠.