الأخلاق ، صعب المرام» (١). كانت الحصلية المترقبة الدمالاء إثر الدماء تراق فيها الأخلاق والقيم ، وتحصد فيها النفوس البريئة من آل أبي طالب في قسوة من الإجراءت لا مثيل لها ، فهو يتعقبهم في الآفاق ، ويطلب شبابهم وكهولهم في الآقاليم ، فلم يفلت إلا القليل من قبضته ، حتي قال اليعقوبي أنّه : «ألخ في طلب الطالبين ، وأخافهم خوفاً شديداً ... وكتب إلي الآفاق في طلبهم» (٢).
وقد تابعهم تحت كل حجر ومدر بعى «مأساة فخ» الشهيرة التي سنأتي علي ذكرها في موقعها من البحث.
وكانت هذه الثورة التي قادها الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام قد استدفهت النظام العباسي ، وذلك بسببٍ من مظالمه وسوء الإدارة ، واضطهاد أهل البيت عليه السلام ومن يمت إليهم بصلةٍ ما ، وإذال المسلمين ومصادرة الحرية واختلاس الأموال ، وهي من أعنف الثورات في التأريخ الإسلامي ـ مأساة ـ بعد ثورة الطفّ ، فقد استؤصل قادتها ، وأبيد معسكر ها ، وقتل مفجرها في «فخ» علي سته أميال من مكّه المكرمة ، وبقي القتلي ثالثة أيام علي وجه الأرض بلا دفن (٣).
وقد احتُزَّت رؤوسهم ، ، فكانوا رأس ونيفاً (٤).
وقد اكتوي الإمام موسي بن جعفر عليه السلام بلهيب هذه الثورة فتوجّه إليه إصبع الاتّهام جزافأ ، حتي إنّ موسي الهادي قد همّ بقتل الإمام ، ثم أعرض عنه ، لعىم ثبوت تأييده لها (٥).
__________________
(١) المسعودي / مروج الذهب ٣ / ٢٤٦.
(٢) اليعقوبي / التأريخ ٣ / ١٣٧.
(٣) ظ : اليعقوبي / التأريخ ٣ / ١٣٧ ، المسعودي / مروج الذهب ٣ / ٢٤٨.
(٤) ظ : الطبري / تأريخ الأمم والملوك ٨ / ١٩٢ ، ٨ / ١٩٧.
(٥) الأبي / نثر الدر ١ / ٣٥٨ / طبعة القاهرة / ١٩٨٠ م.