وذكر ابن حجر أن موسي الهادي حسبه أولاً ، ثم أطلقه» (١).
يقول الأستاذ محمد حسن آل ياسين :
«وعندما نريد البحث والتعمّق في معرفة دوافع الخليفة الهادي إلى حبس الإمام ، أو إيصال الأذى إليه ، أو العزم على قبله ، فقد يرجّح في الظنّ أنّ ذلك مربتط بقضية ثورة الحسين بن علي في سنة ١٦٩ هـ ، كما يرجّح أيضاً أن ، يكون تراجعه عن تنفيذ ما عزم عليه بسبب ما علمه بعد ذلك من جلاوزته ومخبريه من عدم مشاركة الإمام في بلك الثورة ، ورفضه دعوة ابن عمّه للخروج معه» (٢).
ومع هذا فقد عاش الإمام مأساتها بكل أبعادها كما ستري. ولم يكن موسى الهادي رجل دولة ، والا صاحب قيادة ، وقد شغّل نفسه الآثمة والشهوات الموبقة ، فهو رجل خمر وغناء وخدين نديم ومجون ، فقد «كان يتناول المسكر» (٣) بل كان من المتهالكين على شرب الخمر ، فكان أول خليفة عباسي أغري بالخمر (٤) وتبعه على ذلك هارون الرشيد (٥).
وكان الهادي خليعاً ماجناً ، أقبل على اللهو والدعارة ، فبذل المال العظيم على شهواته وطربه ومحافل الغناء حتى قال إسحاق الموصلي : لو عاش لنا الهادي لبنينا حيطان دورنا بالذهب» (٦). وقد غنّاه إبراهيم الموصلي بصوت فأطربه فوهب له ثلاثين ألف دينار (٧).
وهكذا تكون الشقة بين الشعب البائس اليائس وبين حكّايه وسلاطينه
__________________
(١) ابنحجر / الصواعق المحرقة / ١٢٢.
(٢) محمدحسن آلياسين / الامام موسي بن جعفر / ٦٠.
(٣) ظ : الطبري / تأريخ الأمم والملوك ٨ / ٢٢٢ ، السيوطي / تأريخ الخلفاء / ١٨٦.
(٤) الجهشياري / الوزراء والكتاب / ١٤٤.
(٥) ظ : الطبري / تأريخ الأمم والملوك ٦ / ٤٨٩ ، الأصبهاني / الأغاني ٥ / ٢١٦.
(٦) ظ : الأصبهاني / الأغاني ٥ / ٢١٦.
(٧) المصدر نفسه ٥ / ٢٤١.