العابثين ، الشعب يتطلّع إلى رغيف الخبز ، والسلطان يسرف بإمعان تحقيقاً للذائذ الآثمة.
ويتدزع الإمام موسي بن جعفر عليه السلام ضروب الآسي في أيام هذا الطاغية المشهور ، فيصبر على الأذى ، يكظم غيظه ، حتىإذا توعّده بالقتل جازماً ، وأنهي إليه الخبر ، وعنده جماعة من بني هاشم وأهل بيته ، قال لأهل بيته : ما تشيرون؟
قالوا : نرى أي تتباعد عنه ، وأن تيّب شخصك منه ، فإنّه لا يؤمن شرّه ، فتبسّم الإمام ، وقال مستشهداً :
زعمت سخيهة أن ستغلب ربّها |
|
ولِيُغلَين مغالبُ الغلّابِ |
ثم رفع يده إلى السماء ، فقال :
«اللهم كم من عدوٍ شحذ لى ظبةَ مُديِتِه ، وأرهفَ لي شبا حدّهِ ، وداف لي قواتل سمومه ، ولم تنم عين حراسبه ، فلمّا رأيت عفي عن احتمال الفوادح ، وعجزي عن ملمّات الجوايح ، صرفَت ذلك بحولك وقوتك. لا بحولي وقوتي ، فألفيتُه في الحفير الذي احتفره خائباً مما أمّله في دنياه ، متباعداً مما رجاه في آخرته ، فلك الحمد على ذلك قدر اسحقاقك سيدي ، اللّهم فخذه بعزتك ، وافلل حدّه عني بقدرتك ، واجعل له شغلاً فيما يليه ، وعجزاً عمن يناويه.
اللّهم أعدني عليه عليه عدوي حاضرة ، تكون من غيظي شفاءً ، ومن حقي عليه وفاءً ، وصل اللّهم دائي بالإجابة ، وانظم شكايتي بالتغيير ، وعرّفه عمّا قليل ما ووعدت الظالمين ، وعظمني ما وعدت في إجابة المضطرين ، إنك ذو الفضل العظيم زوالمنّ القدم».
(ثم تفرق القوم ، فما اجتمعوا إلّا لقراءة الكتاب الوارد عليه بموت