وقيم الاسلام ، ورسالة السماء.
ولم يكن الرشيد نفسه ليجهل هذه الحقيقة الصارخة وان تجاهلها ، ولم يكن له أن يجحدها وان ألقي بستار كثيف علي نصاعتها ، فالملك عقيم كما يقول الرشيد ، ولا أدل علي ذلك من اعترافه واقراره لولده المأمون بالمنزلة العليا للامام ، وأنه حجة الله علي خلقه ، وخليفته الشرعي علي عباده!!
فقد حدث المأمون أن الرشيد هو الذي علمه التشيع!! وذلك أن الرشيد جلس لاستقبال الناس ، ومنع أن يدخل عليه أحد الا انتسب ، فدخل الفضل بن الربيع عليه وقال : علي الباب رجل زعم أنه موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبيطالب (عليهالسلام).
فقال له الرشيد : ائذن له ، ولا ينزل الا علي بساطي ... هذا والأمين والمأمون والمؤتمن والقواد شهود ... فاستقبله الرشيد ، وقبل وجهه وعينيه ، وأخذ بيده حتي صيره في صدر المجلس ، وأجلسه معه فيه ، وجعل يحدثه ، ويقبل بوجهه عليه ، ويسأله عن أحواله ... «وبعد استقصاء السؤال» قال الامام موجها وناصحا للرشيد :
«ان الله قد فرض علي ولاة عهده أن ينعشوا فقراء هذه الأمة ، ويقضوا عن الغارمين ، ويؤدوا عن المثقل ، ويكسوا العاري ، ويحسنوا الي العاني ، وأنت أولي من يفعل ذلك».
فقال الرشيد : أفعل يا أباالحسن.
ثم قام الامام ، فقام الرشيد لقيامه ، وقبل عينيه ووجهه ، ثم أقبل علي وعلي الأمين والمؤتمن ، فقال ... بين يدي عمكم وسيدكم ، خذوا بركابه ، وسووا عليه ثيابه ، وشيعوه الي منزله ، فأقبل أبوالحسن موسي بن جعفر (عليهماالسلام) سرا بيني وبينه فبشرني بالخلافة ، وقال لي : اذا ملكت هذا الأمر فأحسن الي ولدي ، ثم انصرفنا.