قلت ... والذي بعث محمدا (صلي الله عليه وآله) بالنبوة ما حمل الي أحد درهما ولا دينارا من طريق الخراج ، لكنا معاشر آل أبيطالب نقبل الهدية التي أحلها الله عزوجل لنبيه (صلي الله عليه وآله) في قوله :
«لو أهدي لي كراع لقبلت ذ ، ولو دعيت الي ذراع لأجبت.»
وقد علم أميرالمؤمنين ضيق ما نحن فيه ، وكثرة عدونا ، وما منعنا السلف من الخمس الذي نطق لنا به الكتاب ، فضاق بنا الأمر ، وحرمت علينا الصدقة ، وعوضنا الله عزوجل الخمس ، واضطررنا الي قبول الهدية ، وكل ذلك مما علمه أميرالمؤمنين ...» (١).
ولم يكتف الرشيد بهذا ، وانما استدعي الامام تارة أخري ، وأدخل عليه ، فقال له الرشيد :
يا موسي بن جعفر ، خليفتين يجبي لهما الخراج؟
قال الامام : أعيذك بالله أن تبوء باثمي واثمك ، وتقبل الباطل من أعدائنا علينا ، فقد علمت أنه قد كذب علينا منذ قبض رسول الله (صلي الله عليه وآله) بما علم ذلك عندك ... (٢).
ومع براءة الامام مما نسب اليه ، فهو يجتمع به ، ويتظاهر ببره ، ويسأله عن مدي حاجته ، ثم يبعث اليه بصرة فيها مائتا دينار ، فيعترض عليه المأمون ، فيقول له : أسكت لا أم لك ، فاني لو أعطيته هذا ما ضمنته له ، ما كنت آمنه (٣).
وتارة أخري يعلل الرشيد منعه العطاء للامام بقوله :
«ما كنت آمنه أن يضرب وجهي غدا بمائة ألف سيف من شيعته
__________________
(١) ظ : المجلسي / بحارالأنوار ٤٨ / ١٢١ ـ ١٢٢ وانظر مصدره.
(٢) المصدر نفسه ٤٨ / ١٢٥ وانظر مصدره.
(٣) المصدر نفسه ٤٨ / ١٣١ وانظر مصدره.