«أبايعكم علي كتاب الله ، وسنة نبيه رسول الله ، وعلي أن يطاع الله ولا يعطي ، وأدعوكم الي الرضا من آل محمد ، وعلي أن نعمل فيكم بكتاب الله وسنة نبيه (صلي الله عليه وآله) والعدل في الرعية ، والقسم بالسوية. وعلي أن تقيموا معنا ، وتجاهدوا عدونا ، فان نحن وفينا لكن وفيتم لنا ، وان نحن لم نف لكم فلا بيعة لنا عليكم» (١).
وأنت تري الحسين في هذه البيعة قد أعطي النصف من نفسه ، وقد احتاط بذلك لدينه وأمته ، فالبيعة علي كتاب الله وسنة رسول الله (صلي الله عليه وآله) والتأكيد علي طاعة الله وعدم معصيته ، والدعوة الي الرضا من آل محمد لا لنفسه ، والعمل بكتاب الله والسنة ، والعدل بين الرعية ، والاقامة معه وعدم التفرق عنه ، وجهاد الأعداء اذا وفي لهم بالتزامه ، والا فلا بيعة له عليهم.
ويبدو أن عنصر المفاجأة كان متوافرا في الثورة ، فقد اضطر الحكم الحسين الي استعجالها ، فما التحق به أحد من القصبات والأقاليم ، ولم يتهيأ لها مناخ اعلامي أو دعائي ، بل ولم يلتف أهل المدينة حولها بالشكل المطلوب ، ولم يسبق لها تمهيد سري تجتمع حوله الرجال وأعداء الحكم ، ويبدو أن الرصد الأمني لأجهزة النظام كان مسؤولا عن كثير من هذه التداعيات ، وكان احضار الطالبيين أمام المقصورة كل يوم يعني فرض الرقابة الصارمة من كل الوجوه.
ومهما يكن من شيء ، فحينما أعلنت الثورة ، أقبل حماد البربري وكان مسلحة للسلطان في المدينة بالسلاح ، ومعه أصحابه حتي وافوا باب المسجد ، فقصده يحيي بن عبدالله وفي يده السيف ، فأراد حماد أن ينزل فبدره يحيي فضربه علي جبينه ، وعليه البيضة والمغفر والقلنسوة فقطع ذلك كله ، وأطار قحف رأسه ، وسقط عن دابته ، وحمل علي أصحابه
__________________
(١) ظ : الأصبهاني / مقاتل الطالبيين / ٤٤٧ ، البحار ٤٨ / ١٦٩.