نفسه ، فحينما قضي علي شهداء «فخ» وقتل الأسري بمجزرة رهيبة دامية ، أخذ يتعقب العلويين ويتوعدهم ، ويشير الي موسي بن جعفر بالقول : «والله ما خرج حسين الا عن أمره ، ولا اتبع الا محبته ، لأنه صاحب الوصية في أهل هذا البيت ، قتلني الله ان أبقيت عليه».
فقال له قاضي القضاة العباسيين أبويوسف يعقوب بن ابراهيم وكان جريئا عليه : يا أميرالمؤمنين أقول أم أسكت؟
فقال الهادي : «قتلني الله ان عفوت عن موسي بن جعفر ، ولولا ما سمعت من المهدي فيما أخبر به المنصور بما كان به جعفر من الفضل المبرز عن أهله في دينه وعلمه وفضله ـ يعني الامام الصادق ـ وما بلغني عن السفاح من تقريظه وتفضيله لنبشت قبره ، وأحرقته بالنار احراقا».
فقال أبويوسف القاضي : «نساؤه طوالق ، وعتق جميع ما يملك من الرقيق ، وتصدق بجميع ما يملك من المال ، وحبس دوابه ، وعليه المشي الي بيت الله الحرام ، اذ كان مذهب موسي بن جعفر الخروج ، لا يذهب اليه ، ولا مذهب أحد من ولده .. ولم يزل يرفق به حتي سكن غضبه» (١).
وكانت هذه اللفتة من أبييوسف كلمة حق عند سلطان جائر ، وهي دليل حصافة رأيه ، ومتانة عقلة ، وصدق مروءته.
وقد عاجل الموت الهادي بدعاء الامام كما سبق بيانه في الفصل الماضي ، فما استطاع تنفيذ وعيده ، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
__________________
(١) المجلسي / بحارالأنوار ٤٨ / ١٥١ وانظر مصدره.