فالامام اذن مصدر القرار في الجو السياسي المحموم ، وله البصيرة النافذة بكيفية تنفيذ القرار سلبا أو ايجابا ، فهو قد يتوسط عند السلطان لقضاء حوائج أوليائه ، واستنقاذ حقوق المسلمين ، ولكنه في الوقت نفسه يمانع ممانعة شديدة من الانضواء تحت راية السلطان ، أو الانخراط في ديوانه وحاشيته وبطانته ، فذلك شيء وهذا شيء آخر.
والامام الصامد موسي بن جعفر (عليهالسلام) قد تبني الأمرين ، وسلك النهج بأناة وروية وتطلع سليم.
كان لرجل من أهل الري بقايا أموال يطالبه بها بعض الولاة ، فطلب للامام أن يسعفه بمفاتحة الوالي في أمره ، فاستجاب الامام ملبيا طلبه. وكتب الي الوالي بالنص الآتي :
«بسم الله الرحمن الرحيم؛ اعلم أن لله تحت عرشه ظلا لا يسكنه الا من أسدي الي أخيه معروفا ، أو نفس عنه كربة ، أو أدخل عليه سرورا ، وهذا أخوك والسلام».
فذهب الرجل برسالة الامام الي الوالي فلبي حاجته ، وما اكتفي بذلك بل قاسمه دينارا بدينار ، ودرهما بدرهم ، وثوبا بثوب ، وأعطاه قيمة ما لم يمكن قسمته ، وهو يقول له :
يا أخي هل سررتك؟ فيقول : أي والله ... (١).
ولما حمل الامام موسي بن جعفر الي هارون الرشيد ، جاء اليه هشام بن ابراهيم العباسي ، فقال للامام : يا سيدي قد كتب لي صك الي الفضل بن يونس ، تسأله أن يروج أمري!!
قال : فركب اليه أبوالحسن (عليهالسلام) ، فدخل عليه حاجبه ، فقال : يا سيد أبوالحسن موسي بن جعفر بالباب.
__________________
(١) ظ : المجلسي / بحارالأنوار ٤٨ / ١٧٤ عن الاختصاص.