يا زياد : اذا ذكرت مقدرتك علي الناس فاذكر مقدرة الله عليك غدا ، ونفاد ما أتيت اليهم عنهم ، وبقاء ما أتيت اليهم عليك» (١).
ان هذا التحدير المخيف الصادر عن الامام موسي بن جعفر (عليهالسلام) تجاه مغبة العمل عند السلاطين ، والانخراط في صفوف الظلمة ، لحري بكل مسلم أن يجعله نصب عينيه وهو يتولي المسؤولية في الحكم ، أية مسؤولية أصغيرة كانت أم كبيرة ، لأنه قد ينحرف وتأخذه العزة بالاثم ، أو قد يتيه بولايته علي الآخرين فيضل عن الطريق السوي ، وما أكثر من تورطوا في هذا الانهيار السحيق فتجاهلوا الخدمة العامة ، وحدبوا علي المصالح الذاتية ، ولم يعيروا أذنا صاغية لظلامات الناس ومشكلات الأمة ، فصاروا من جبابرة الأرض ، متجاهلين أن المسؤولية عبارة عن نيابة فعلية عن الشعب يفترض فيها الاحسان الي الاخوان ، وتفريج كروب الانسان ، ودرء أحداث الزمن عن الأسري وذوي الاحتياج ، وما يجري هذا المجري في ضوء توجيه الامام.
ولو استعرضت مصادر حياة الامام في هذا الملحظ الخاص لرأيت عجبا كبيرا فيما يستفز الامام من تولية أبسط الأمور لدي الحاكمين ، وقد لا نري فيها بأسا كثيرا ، ولكنه ينكرها ويشجبها ويستحسن تركها والاعراض عنها. (صفحه ٢٠٨) فهذا صفوان الجمال ، ومنزلته لدي من عاصر من الأئمة غير مجهولة ، وهو علي قدر عظيم ، ومع هذا فان الامام يتجه نحوه بالقول :
«يا صفوان؛ كل شيء منك حسن جميل ما عدا شيئا واحدا!!
قال صفوان : جعلت فداك؛ أي شيء؟
قال الامام : كراؤك جمالك من هذا الطاغية (الرشيد).
قال صفوان : والله ما أكريته أشرا ، ولا بطرا ، ولا للصيد ، ولا للهو ،
__________________
(١) الكليني / الكافي ٥ / ١٠٩ ، المجلسي / البحار ٤٨ / ١٧٢ ـ ١٧٣.