الاصطدام بالأهواء.
ولما قدم الامام (عليهالسلام) الي العراق في احدي استدعاءاته من قبل الرشيد ، زاره علي بن يقطين ، فشكا الي الامام حاله ، وطلب منه الاذن في التخلي عن منصبه فنهاه الامام ، وقال له : «يا علي ، ان لله أولياء مع أولياء الظلمة ليدفع بهم عن أوليائه ، وأنت منهم يا علي» (١).
ان هذا الاعتداد بعلي بن يقطين يعني أن الامام قد أخلصه لمهمة رسالية يتعاهدها ، ويؤديها علي الوجه الأمثل ، فهو يعتمده في اختراق النظام لا لارادة الحكم بل لانعاش حياة المضطهدين ، ـ وما أكثرهم ـ وانقاذهم من جور السلطان ، وللنظر في شأن أولياء الله من وراء ستار حديدي من السرية التامة من خلال هذا الجندي المجهول ، فهو في الظاهر من رجال النظام ، وهو في الواقع من أولياء الامام ، وأي ولي هذا والامام يشهد له بالجنة ، ويدعو له أن يكون في أعلي عليين.
أورد الأستاذ باقر شريف القرشي : ان ابن يقطين أقبل علي الامام ذات مرة ، فقال الامام :
من أراد أن يري رجلا من أصحاب رسول الله (صلي الله عليه وآله) فلينظر الي هذا المقبل ، وأشار الي علي ، فقال بعض من حضر :
أو في الجنة؟ قال الامام : أما أنا فأشهد أنه من أهل الجنة. وقال الامام في مورد آخر : ضمنت لعلي بن يقطين أن لا تمسه النار أبدا. بل وأكثر من هذا ، فقد دعا له الامام ، وهو علي الصفا بقوله :
«الهي؛ في أعلي عليين ، اغفر لعلي بن يقطين» (٢).
ان هذه الرعاية التامة لهذا الرجل تعبر عن مدي ما قدمه من خدمات
__________________
(١) ظ : باقر شريف القرشي / حياة الامام موسي بن جعفر ٢ / ٢٨٧.
(٢) ظ : باقر شريف القرشي / حياة الامام موسي بن جعفر ٢ / ٢٨٧.