فحينما دخل الرشيد المدينة توجه الي زيارة النبي (صلي الله عليه وآله) ومعه الناس ، فتقدم الرشيد نحو القبر وقال :
السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك يابن العم ـ مفتخرا بذلك علي غيره ـ فتقدم الامام موسي بن جعفر الي القبر ، وقال :
السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك يا أبتاه.
فتغير وجه الرشيد ، وتبين الغيظ فيه (١).
ان الملحظ الدقيق لهذه الحادثة يشير الي أن الرشيد أراد اضفاء صيغة الشرعية علي خلافته ، لأنه ابن عم رسول الله (صلي الله عليه وآله) فأراد الامام ابطال ذلك ، واحتج علي الرشيد بلغته نفسها ، فسلم علي النبي (صلي الله عليه وآله) باعتباره أباه ، فهو أولي بالشرعية ـ اذن ـ من الرشيد.
وكان الرشيد كثيرا ما يفتح الحوار مع الامام ، بيد أنه يتحري مواطن الاحراج في ذلك ، وكان الامام بين خيارين : اما أن يغضب السلطان ، واما أن تشوه الحقائق ، فكان الامام (عليهالسلام) يختار الخيار الأول ، وكان هذا قدره عند الحاكمين.
قال الرشيد للامام : لم زعمتم أنكم أقرب الي رسول الله (صلي الله عليه وآله) منا ، وأنتم بنو علي ... والنبي جدكم من قبل أمكم؟
فقال الامام : لو أن النبي (صلي الله عليه وآله) نشر فخطب اليك كريمك هل كنت تجيبه؟
فقال الرشيد : سبحان الله! ولم لا أجيبه؟ بل أفتخر علي العرب والعجم وقريش بذلك.
فقال الامام : لكنه (عليهالسلام) لا يخطب الي ، ولا أزوجه.
فقال : لم؟
__________________
(١) الطبرسي / الاحتجاج / ٢١٤ ، البحار ٤٨ / ١٠٣.