لا يسجن؟ عسي أن تتفرق الجموع ، وتتلاشي المخاوف ، ويثبت السلطان.
علي حين رأينا الامام في سيرته ومسيرته : صاحب دين لا صاحب دنيا ، ورائد ايمان لا رائد سلطان ، ورجل رسالة لا رجل سلطة. ولم تكن هذه الحقائق لتثني الرشيد عن عزمه في القضاء علي الامام.
وكان للسعاية والوشاية أثرهما في حنق الرشيد علي الامام ، فبعض الأخبار تعزو سبب ذلك ليحيي بن خالد البرمكي ، فقد سعي بالامام لدي الرشيد ، لأن الرشيد جعل ابنه الأمين في حجر جعفر بن محمد بن الأشعث وهو امامي ، فساء ذلك يحيي ، واعتقد أن دولته ودولة أبنائه ستنتهي لدي تولي الأمين الخلافة ، فهو سيستوزر ابن الأشعث باعتباره أستاذه ، فسعي به الي الرشيد بحجة : أنه لا يصل اليه مال الا أخرج خمسه ووجه به الي موسي بن جعفر ... فبعث الرشيد من يكتشف له أمر هبة أعطاها لابن الاشعث وهي عشرون ألف دينار ، فأدخل عليه بعد الترويع ليلا ... قال له : انك تبعث الي موسي بن جعفر من كل ما يصير اليك بخمسه ، وانك قد فعلت ذلك في العشرين ألفا ، فأمر باحضارها علي حالها.
وجعل يحيي يحتال في اسقاط جعفر ، فأرسل الي علي بن اسماعيل بن جعفر (وقيل محمد بن جعفر) وقال له : أخبرني عن عمك ، وعن شيعته ، وعن المال الذي يحمل اليه ... فقال : ان من كثرة ماله أنه اشتري ضيعة بثلاثين ألف دينار ، فقال البائع : لا أريد هذا المال ، وأريد نقدا آخر ، فأمر بها الامام فصبت ببيت ماله ، وأعطاه ذلك النقد الآخر ... فلما أراد الرشيد الرحلة الي العراق ، بلغ الامام أن عليا ابن أخيه يريد الخروج مع السلطان ، فأرسل اليه : مالك والخروج مع السلطان؟ قال : لأن علي دينا.
قال الامام : دينك علي. قال : وتدبير العيال؟
قال : أنا أكفيهم.