من توهم قدرته علي خداع السامعين والمشاهدين بأنه أقرب الناس الي رسول الله (صلي الله عليه وآله) ويكون الأحق بالخلافة بحكم هذه القربي المتصلة الوشائج.
ويبدو أن الامام قد أحس بهدف الرشيد من هذا الاعلان ، فبادر الي اعلام جماهير الحاضرين : بأنه الأقرب رحما ونسبا ، والألصق لحمة وسببا ، وأنه ابن رسول الله (صلي الله عليه وآله) حقا علي رغم زيف المزيفين ، وتضبيب المضببين. وتدلنا الأخبار المعنية بهذا الموضوع أن الرشيد بعد أن كتم غضبه وغيظه ، لم يستطع نسيان ذلك أو اغفال أمره ، بل يظهر بجلاء أن تلك المجابهة العنيفة المؤدبة من الامام موسي بن جعفر ، قد هيمنت علي نفس الخليفة وأفكاره فأصبحت شغله الذهني الشاغل (١).
ومهما يكن من أمر ، فقد يكون هذا هو السبب الرئيسي في اعتقال الامام ، ويضاف اليه : أن لشخصية الامام القيادية أثرا كبيرا في اعتقاله ، لأنه صاحب الكيان المتميز في الشعب المسلم.
ولحقد الرشيد أثره الفاعل في اعتقال الامام ، وللسعايات أثرها في التعجيل باعتقال الامام ، ولحاشية السوء وبطانة الشر الأثر الكبير في تهييج الأحاسيس المضادة للامام ، كما أن للأطماع سبيلها الي ذلك كله ، فقد أجيز علي بن اسماعيل بمائتي ألف درهم ، فجيء بها اليه وهو في النزع الأخير ، اذ زحر زحرة خرجت بها حشوته وأمعاؤه ، فقال : ما أصنع بالمال وأنا في الموت (٢).
وقد اعتبر الأستاذ باقر شريف القرشي أن أهم أسباب اعتقال الرشيد للامام : سمو شخصية الامام ـ حقد هارون علي الامام ـ حرص الرشيد علي الملك ـ بغضه للعلويين ـ الوشاية بالامام ـ احتجاج الامام علي الرشيد ـ
__________________
(١) محمدحسن آلياسين / الامام موسي بن جعفر / ٧٠ ـ ٧١.
(٢) ظ : المجلسي / بحارالأنوار ٤٨ / ٢٣٢.