القدوة» (١) وفصل القول شيئا ما بقوله : «كان موسي بن جعفر من أجواد الحكماء ، ومن العباد الأتقياء ، وله مشهد معروف ببغداد» (٢).
وهنالك عشرات الشهادات في حق الامام (عليهالسلام) ، سردها الأستاذ باقر شريف القرشي ، وتطلب من مظانها للباحثين عن المزيد (٣).
والتأريخ حينما يصور هذه اللقطات ، فانما ينزع الي الموضوعية المحدودة بأقلام هؤلاء العلماء ، والا ففضائله أسمي رفعة ، وأكثر عائدية ، وأجل منزلة مما دونوه وأفادوه.
والذي بهرني حقا أن أجد هارون الرشيد يغتصب نفسه اغتصابا ، فيدلي برأيه في الامام ـ مضطرا ـ لولده المأمون ، وقد دهش المأمون باحترام الرشيد للامام وتقديمه وتعظيمه ، قال هارون : «يا بني : هذا امام الناس وحجة الله علي خلقه ، وخليفته في عباده ، أنا امام الجماعة في الظاهر والغلبة والقهر ، وانه والله لأحق بمقام رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) مني ومن الخلق جميعا ، والله لو نازعني في هذا الأمر لأخذت الذي فيه عيناه ، فان الملك عقيم ...
يا بني : هذا وارث علم النبيين ، هذا موسي بن جعفر ، ان أردت العلم الصحيح تجده عند هذا» (٤).
ولئن ذكر القدامي جزءا يسيرا من ملامح الامام القيادية والمرجعية. فقد أورد المحدثون شيئا من ذلك. وقد أورده أغلبهم اقتضابا ، ومهما يكن من أمر ، فان ما ذكره القدامي والمحدثون يعتبر تبلورا محدودا التصق بمرآة التأريخ فحكي توهجا لامعا في سيرة الامام وآثاره.
قال الدكتور زكي مبارك من رواد النهضة الحديثة في مصر : «كان موسي
__________________
(١) الذهبي / سير اعلام النبلاء ٦ / ٢٧٠.
(٢) الذهبي / ميزان الاعتدال ٣ / ٢٠٩.
(٣) باقر شريف القرشي / حياة الامام موسي بن جعفر ١ / ١٦٥ ـ ١٧٦.
(٤) القندوزي / ينابيع المودة ٣ / ٣٢.