الطالبين والسالكين معا.
وعاد هذا التراث الهادي متوافرا لدي العلماء ، وفي أيدي العاملين علي ارفاد الثقافة الملتزمة ، والصابرين علي شدة المحنة في التحري والرصد. ونجم عن هذا كله : خلود هذه المدرسة السيارة بعطائها الجزل ، وكيانها المستقل.
واستقلالية مدرسة أهل البيت حقيقة زمنية شاخصة ، فهي لا تستمد كيانها من السلطات القائمة ، وهي لا تسير بركاب الحاكمين ، وهي لا تستعين بالقوة لفرض سيطرتها علي العقول ، وهي لا تتوسل بالمال علي تعزيز نفوذها ، وهي لا تلجأ الي الأساليب الشائعة في العصر للتغلغل في ضمائر الناس ، بل قامت علي سجيتها ، فطرية الأداء ، عفوية الارادة.
وكان دور الامام موسي بن جعفر (عليهالسلام) دور المجدد والمطور لمباديء هذه المدرسة بما أوتي من قوة عقلية وادراك علمي متميز ، وبما استقي من معارف متسلسلة من ذلك الرافد الأساس الذي تفجرت منه أمواج الثقافة عند أئمة أهل البيت (عليهمالسلام).
وعندما تتحقق هذه الظواهر في أي أثر معرفي يكون الخلود السرمدي الرابض في صدر الحياة ، وتكون الافادة من تراثه الأثير في الموقع المتجدد ، واذا كان الأمر كذلك ، وهو كذلك ، فما علينا الا أن نتحدث لماما عن موارد هذا العلم ومصادره.