وقد يبدأ الامام ذلك كما أخبر المأمون بأنه سيلي الخلافة (١).
ولا برهان علي حقيقة هذا الأمر مما اكده الدينوري في روايته :
ان الرشيد قال يوما للأصمعي ، وهو يحدثه عن ولديه الأمين والمأمون : «كيف بكم؟ اذا ظهر تعاديهما ، وبدا تباغضهما ، ووقع بأسهما بينهما؟ حتي تسفك الدماء ، ويود كثير من الأحياء أنهم كانوا موتي».
فسألنا الأصمعي : ... هذا شيء قضي به المنجمون عند مولدهما ، أو شيء أثرته العلماء في أمرهما؟
قال الرشيد : بل شيء أثرته العلماء عن الأوصياء عن الأنبياء في أمرهما.
قال الرواة : «فكان المأمون يقول في خلافته : قد كان الرشيد سمع جميع ما جري بيننا من موسي بن جعفر بن محمد ، فلذلك قال ما قال» (٢).
وسواء استجاب أعداء الامام لهذا النوع من العلم الذي تحدث به القرآن فيما اقتص من نبأ موسي مع العالم ، وصفة هذا العالم بأنه علم من الله علما ، أم لم يستجيبوا ، فقد ألمحت الي نماذج من لمحات هذا العلم في ضوء ما نطقت به الوثائق التأريخية.
ومهما يكن من أمر؛ فان الامام موسي بن جعفر في علمه الوراثي واللدني قد بلغ الغاية القصوي ، فما سئل الا أجاب ، وما حدث الا استوفي ، وما أنبأ الا كان ، وما قال الا صدق.
وكان سبيل انتشار علمه وجوده الشريف مباشرة قبل اعتقاله ، فهو يدلي به لرواد المعرفة وقادة الفكر العلمي. وكان سبيل انتشاره بعد اعتقاله ، تلامذته المقربون ، وما صدر عنه من رسائل واجابات وهو في غياهب السجون. وقد ظهر من هذين ما طبق الخافقين.
__________________
(١) ظ : المجلسي / بحارالأنوار ٤٨ / ١٣١ وانظر مصدره.
(٢) الدينوري / الأخبار الطوال / ٣٨٩. سيرورة علم الامام