وقد ندب الامام لهذه المهمة من يستمع الي القول فيتبع أحسنه ، وأكد طلب العلم ، وعلل فضيلة ذلك بقوله : «زاحموا العلماء في مجالسهم ولو حبوا علي الركب ، فان الله يحيي القلوب الميتة بنور الحكمة ، كما يحيي الأرض الميتة بوابل المطر» (١).
وهذا التشبيه التمثيلي الذي يسره الامام الكاظم (عليهالسلام) ، صورة ناطقة حية تمثل احياء القلوب بنور الحكمة ، كاحياء الأرض الميتة بوابل المطر ، وهذا يقضي بأن الجاهل من الأموات ، والمزاحم للعلماء من أجل الافادة من الأحياء فعلا.
ودخل علي الامام الحسن بن عبدالله وكان زاهدا ، ومن أعبد أهل زمانه في المسجد ، فأومأ اليه الامام فأتاه ، فقال له الامام : يا أباعلي ما أحب الي ما أنت عليه وأسرني به ، الا أنه ليست لك معرفة ، فاطلب المعرفة. فقال له : جعلت فداك ، وما المعرفة؟ قال الامام : اذهب تفقه واطلب الحديث.
قال عمن؟ قال الامام : عن فقهاء المدينة ، ثم اعرض الحديث علي ...
ففعل ، فدله الامام علي ما يلزمه من المعرفة (٢).
وروي ابنحمدون في تذكرته :
قال موسي بن جعفر (عليهالسلام) : وجدت علم الناس في أربع :
أولها : أن تعرف ربك.
والثانية : أن تعرف ما صنع بك.
والثالثة : أن تعرف ما أراد منك.
والرابعة : أن تعرف ما يخرجك عن دينك.
وقد فسر ابنحمدون هذه الأربع :
__________________
(١) المصدر نفسه / ٢٩٣.
(٢) ظ : الشيخ المفيد / الارشاد / ٣٢٨.